للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَنْ قال بالمذْهَب المشْهُور حمَلَهُ علَى الإسْلاَم والكُفْر؛ لما سبق؛ ويؤيِّده أنه رُوِيَ من بعْضِ الرِّواياتِ:

"لاَ يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ؛ وَلاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ" (١). فجعل الثاني بياناً للأوَّل، وهذا إذا كان اليهوديُّ والنصرانيُّ مثلا ذمِّيَيْنِ أو حَرْبيَّيْنِ، ولا فرْقَ بيْن أنْ يكُون الحربيَّانِ مُتَّفِقَي الدَّارِ، أو مخْتَلِفِيهَا.

وقال أبو حنيفةَ: إنْ كَانَا مختلِفَي الدَّار؛ كالروم والهِنْد (٢)، لم يتوارَثَا، وإن أتحدثْ ملتهماً، والضابطُ أن يختلفَ الملوَكُ ويرَى بعضُهم قتْلَ بعْض.

أما إذا كان أحدُهما ذمِّياً، والآخَرُ حربِيّاً؛ ففي التوارُثِ بينهما قوْلان، حكاهما الإمامُ وغيره.

أحدهما: جريانه، لشُمُولِ الكفر.

وأصحُّهما: المَنعُ، لانقطاعِ المَوَالاَةِ بينهما.

وهذا ما أورده أكْثَرُ الأصْحَاب. وربَّما نقل الفرضيُّون إجماع العلماء عليه، والمعاهد والمستَأْمن كالذِّمِّيِّ أو كالحربيِّ؟ فيه وجهان:


= رواه الترمذي واستغربه، وفيه ابن أبي ليلى، وأخرجه البزار من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ: "لا ترث ملة من حلة" وفيه عمر بن راشد، قال: إنه تفرد به وهو لين الحديث، ورواه النسائي والحاكم. والدارقطني بهذا اللفظ، من حديث أسامة بن زيد، قال الدارقطني: هذا اللفظ في حديث أسامة غير محفوظ، ووهم عبد الحق فعزاه لمسلم، قوله: روي في بعض الروايات: "لا يتوارث أهل ملتين، لا يرث المسلم الكافر" فجعل الثاني بياناً للأول، فدل على أن المراد بالملتين: الإسلام، والكفر، البيهقي بلفظ: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم، ولا يتوارث أهل ملتين" وفي إسنادها الخليل بن مرة وهو واه. قاله الحافظ في التلخيص.
(١) تقدم.
(٢) [حكى الشيخ النووي في شرح مسلم عن الأصحاب أن الحربيين، وكذا لو كانوا حربيين في بلدين متجاورين لم يتوارثا. انتهى.
قال في القوت: وهذا النقل سهو منه رحمه الله، وإنما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله لا يعرف عن أحد من أصحابنا هذا هو الصواب بلا شك الموجود في كتب المذهب وكتب الفرائض للأصحاب وكلها ناصة على عدم الفرق عندنا خلافاً لأبي حنيفة، وقد وقع هذا السهو لصاحب التعجيز في شرحه وتبعه عليه بعض الفرضيين من أهل العصر فإنه قال بعد أن قرر التوارث بينهم وقال الماوردي: إذا اختلف دار أهل الحرب باختلاف ملوكهم ومعاداتهم فلا يرث بعضهم من بعض. هذا إنما حكاه الماوردي عن أبي حنيفة إلى آخر ما ذكره. وأخذه صاحب الخادم واعتمده، وفي النفس مما قاله الأذرعي وتبعه الزركشي شيء والشيخ هو الثقة الأمين ولم ينقله عن الماوردي].

<<  <  ج: ص:  >  >>