الدِّيَةِ أو الكفَّارة، والتضمين: بمجرَّد الكفارة، كما إذا رَمَى إلى صَفِّ الكفَّار في القتَالِ، ولم يعْلَمْ أنَّ فيهم مُسْلِماً، وكان فيهم مورِّثه المُسْلِمُ، فقتله، تجب الكفارةُ ولا دِيَةَ.
ولا فرْقَ بين أنْ يكونَ القَتْل عمداً أو خَطَأً، خلافاً لمالك -رحمه الله- حيث قال: الخَاطِئ يَرِثُ إلاَّ مِنَ الديَةِ الواجبَةِ بفعْلِهِ.
وحكَى الحناطيُّ قولاً: أنه الخاطئَ يرثُ مطْلَقاً.
لنَا: الأخبار، وأيضاً، فمن لا يَرِثُ من الديَةِ، وجبَ ألا يرث من غيرها؛ كالعامد، ولا فرْقَ بين أن يكونَ الخطأُ بالمباشرة، كما إذا كان يَرْمِي إلَى هدف أو صيدٍ، فأصاب مورِّثَه، أو بالتَّسَبُّب، كما لو حَفَر بئراً عُدْواناً، فتردَّى فيها مورِّثُه، أو نصَبَ حَجَراً في الطَّريق، فتعثر به ومات. وقال أبو حنيفة: القتْلُ بالتسبُّب لا يقتَضِي الحرْمَان، إلاَّ إذا رَكِبَ دابَّة، فرَفَسَتْ مورِّثه، ومات.
لنا: أنَّه قتْلٌ يتعلَّق به الضمانُ، فيتعلَّق به الحرْمانُ كالقتل مباشرةً، ولا فرْقَ بين أن يقْصِدَ بالتَّسَبُّبِ مصلحته؛ كَضَرْب الأب والمعلِّم والزَّوْجِ للتأدِيب، إذا أفضَى إلى الموت، وكما إَذا سقَى موَرِّثَهُ الصَّبِيَّ دواءً أو بَطَّ له جُرْحاً عَلَى سبيل المعالَجَةِ، فمات أَوْ لاَ يقْصِد.
وفي سَقْيِ الدواء وبط الجُرْح وجْهٌ حكاه ابن اللَّبَّانِ وغيره.
وعن صاحب "التقريب" وجْهٌ في مطْلَق القَتْل بالتَّسبُّب: أنَّه لا يوجب الحرْمَانَ، والمذهب الأوَّلُ.
ولا فرْقَ بين أن يصْدُرَ القتْلُ من مكلَّف أو غير مكلَّفٍ، خلافاً لأبي حنيفَة، حيث قال: القتْلُ الصادِرُ من الصبيِّ والمجنونِ والمُبَرْسم لا يقتَضِي الحرْمَانَ.
لنا: الأخبارُ، وأن ما يمنع من توريثِ المكلَّف يَمْنَعُ من توْريث غيره؛ كالرِّقِّ، ولك أن تُعْلِم، لما ذكرنا قولَهُ في الكتاب: "أو خطأً" بالميم والواو، وقوله: "بسبب" بالحاء والواو، وقوله: "أو غير مكلف" بالحاء، ويجُوزُ إعْلامُه بالواو، وأيضاً؛ لأنه، إِذا كانَ لنا في الخطأِ قولٌ جاء منْه خلافٌ في الصَّبيِّ بناءً على أنَّ عمْدَهُ خطأٌ، وقوله: "مضمُوناً إِمَّا بكفارةٍ أو إِثْمٍ" لفظ التَّضْمِين بالإِثْم، كالبعيد عن الاستعمال.
ثم المرادُ منْه مسألةٌ، وهي: أنَّ المكْرَه علَى قتْلِ مورِّثه، إذا قتَلَهُ لا يَرِثُهُ.
وإن قُلْنا: لا قصاصَ، ولا ضمانَ؛ لأنه أَثِمَ بالقتل. [هذا ظاهرُ المَذْهب، وفيه وجهٌ آخَرُ، بناءً علَى أنَّ المكْرَه ألَةُ القَتْلِ]، وهو المذكور في الكتاب من أبواب القصاص، فيجوزُ أن يُرْقَمَ قولُهُ "أو أثم" لذلك.
الضرب الثاني: غير المضْمُون مَنْ القَتْل، وينقَسِمُ إلَى: مستحقٍّ مقصودٍ وإلَى غيره.