للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهَذا الَّذي أوردَه القاضِي ابنُ كجٍّ، وصاحبُ "المهذب" والإمامُ -رحمهم اللهُ- ورجَّحوا هذا المذهبَ، بأنَّ القائلين بِه ممن يُوَرِّثُ ذَوِي الأرحام في الصَّحابَةِ -رَضِيَ الله عَنهُمْ- ومَنْ بَعْدَهُم أكثرُ.


= بالميراث. وكالأخ الشقيق لما شارك الأخ للأب وفضله بالأم كان أولى بالإرث:-
والجواب:
النقص بنت المولى -لأنها قد فضلتهم بكونها بنت عاصب مع التساوي في الإِسلام ثم لا تقدم عليهم.
على أن المسلمين قد فضلوهم بالتعصيب لأنهم يعقلون فكانوا أولى بالميراث.
"و" قال تعالى:
{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} ... الآية فقالوا إن العمات والخالات وأولاد البنات والأخوال من الأقربين فوجب دخولهم فيها.
غاية ما في الباب أن قدر ذلك غير مذكور في هذه الآية -لكنا نثبت استحقاقهم لأصل النصيب بها- وأما المقدار فمستفاد من سائر الدلائل.
وأجيب عن هذا بما يأتي:-
"١" قال تعالى في آخر الآية: {نَصِيبًا مَفْرُوضًا} أي مقدرًا وبالإجماع ليس لذوي الأرحام نصيب مقدر فثبت أنهم غير داخلين في هذه الآية.
"٢" إن هذه الآية خاصة بالأقربين. فليتم قلتم أن ذوي الأرحام من الأقربين مع أنه لا يصح ذلك؟ لأنه إما أن يكون المراد من الأقربين من كان أقرب من شيء آخر أو من كان أقرب من جميع الأشياء والأول باطل لأنه يقتضي دخول أكثر الخلق فيه فإن كل إنسان له نسب مع غيره إما بوجه قريب أو بوجه بعيد وأقله الانتساب إلى آدم عليه السلام. ولا بد أن يكون هو أقرب إليه من ولده إليه فيلزم دخول كل الخلق في هذا النص وهو باطل. ولما بطل هذا الاحتمال وجب حمل النص على الاحتمال الثاني وما ذاك إلا الوالدان والأولاد. فثبت أن هذا النص لا يدخل فيه ذوو الأرحام ولا يقال لو حمل الأقربون على هذا المعنى فيعم الوالدين للزم التكرار لأنا نقول -الأقرب جنس يندرج تحته نوعان -الوالد والولد- فذكر سبحانه النوع ثم ذكر الجنس فلم يلزم التكرار.
"٣" إن أصل الفرض الحزُّ والقطع. ثم إن أصحاب أبي حنيفة خصصوا لفظ الفرض بما عرف وجوبه بدليل قاطع واسم الوجوب بما عرف وجوبه بدليل ظني. فقالوا لأن الفرض عبارة عن الحز والقطع وأما الوجوب فهو عبارة عن السقوط يقال وجبت الشمس إذا سقطت.
ولا شك أن تأثير الحز والقطع أقوى وأكمل من تأثير السقوط فلهذا السبب خُصَّ لفظ الفرض عندهم بما عرف وجوبه بدليل قاطع -ولفظ الوجوب بما عرف وجوبه بدليل مظنون.
وهذا يقضي عليهم بأن الآية لم تتناول ذوي الأرحام لان توريثهم ليس من باب ما عرف بدليل قاطع بالإجماع. فلم يكن توريثهم فرضًا والآية إنما تناولت التوريث المفروض. فلزم القطع بأن الآية ما تناولت ذوي الأرحام.
هذا والحق أن الوجوب في اللغة هو الثبوت وأما مصدر الواجب بمعنى الساقط والمضطرب إنما هو الوجبة والوجيب. وإن كان استعمال الفرض فيما ثبت بقطعي والواجب فيما ثبت بظني شائع مستفيض كقولهم الوتر فرض والصلاة واجبة. ينظر الميراث للشيخ وهبة إبراهيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>