للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو المشهور في المسألة، وفي "التتمة" وجهٌ أنه يُعْتَبَرُ من الثلث، وفرق بينه وبين ما إذا آجَرَه نفسه بأقلَّ من أجرة المثل، حيث لا يُعْتَبَرُ من الثلث، مع أن كلَّ واحد منهما لا يبْقَى للورثة بوجْهَيْنِ:

أحدهما: أن النكاحَ من غَيْر ذكْر المهر يقتضي مَهْر المثل، فإذا قال الولي زوجتها، وذكر ما دون مهر المثل، فكأنَّه أسْقَطَ العِوَضَ بعْد وجوبه، فكان كالإبْرَاء، وأما الإجارة، فإنها لا تنعقد من غير ذكْر العِوَض.

والثاني: أن المحاباة في المَهْر تُلْحِقُ نَوْع عارٍ بالورثة، فأثبت لهم ولايةَ الدَّفْع، بخلاف المحاباة في الإِجَارَةِ (١).

الرابعة: إجارة العبيد والدوابِّ وسائِرِ الأموال بما دون أجرة المِثل معتبرةٌ من الثلث، وكذلك إعارتُهَا حتَّى لو انقضتْ مدة الإجارة، أو الإعارة في مرضه، واستردَّ العين، اعتبر قدر المحاباة في الإجارة، وجميع الأجرة في الإعارة من الثلث، ولو آجر نفسه بمُحَابَاةٍ، أو عَمَلٍ لغيره متبرِّعًا، فوَجْهَان:

أحدهما: الاعتبارُ من الثلث أيضاً؛ لأن منافعه مال.

وأصحُّهما: المنع؛ لأن منافعه لا تَبْقَى للورثة، وإن لم يتبرَّع، ولا تمتد إليها أطماعُهم.

وقوله في الكتاب: "وهو إزالةُ الملْك عن مال نفسه" لفظ "الإزالة" ألا تكون الإعارة معتبرةٍ من الثلثِ, لمَا مَرَّ أن الاعارة لَيْسَتْ إزالة ملك وأن المستعيرَ مستبيحٌ، لكنَّا حَكيْنا أن الإعارةَ معتبرةٌ من الثلث، فإذن اللفظ محمولٌ على تفويت المال المملوك أو نحوه وقوله [في الكتاب] (٢) بغير ثمن الَمثل أراد عوض المِثْل، لا خُصُوصَ العوض في البيع، ولفظ "الوسيط" "إزالة الملك عن مالٍ مجانًا" وهو أحسنُ.

وقوله "كالعتق، والصدقة، والهبة" لفظ الصدقة ينتظم الوقف، وصدقة التمليك، وكلاهما من هذا القبيل وقوله: "إن نِكِحَتْ بأقلَّ من مهر المثل فلا حرج" مرقوم بالواو؛ لما حكينا [هـ] عن "التتمة" ثم هو غير مُجْرًى على إِطلاقه؛ بل إِذا كان الزوْجُ وارثًا، فلباقي الورثةِ التكميلُ، وهو الغالب، وقد يشكل الضبطُ المذْكُور بما إذا بَاعَ بثَمَنِ المثل نسبة فإنه يُعْتَبَرُ من الثلث مَعَ أنَّه فقد أحد [القيود] (٣) الأربَعَةِ.

فُرُوعٌ: باع بالمحاباةِ بشَرْطِ الخيار، ثم مَرِضَ في زمان الخيار، وأجاز العقد، إِنْ


(١) قال النووي: هذان الفرقان ضعيفان جداً. وكذا الحكم الذي ادَّعاه وشذ به.
(٢) سقط في: ز، أ.
(٣) سقط في ز، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>