للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: إن الملك في زمان الخيار للبائع، فقدْر المحاباة من الثلث، وإلا، فلا (١)؛ لأنه ليس بتفويت، وإنَّما هو امتناعٌ من الاكتساب، والاستدراك، فصار كما إذا أفلس المشتري، والمبيع قائمٌ عنده، ومَرِضَ البائع فَلَمْ يفسخ، أو قدر عَلَى فسخ النكاحَ بعَيْبِ فيها، فلم يفعْل حتَّى مات، واستقر المهر، فإنه لا يُعْتَبَرْ من الثُّلُث.

وكذا لو اشترَى بمحاباة، ثم مرض، ووجد بالمبيع عيبًا، ولم يرد مع الإمكان، لا يُعْتَبَرُ قدر المحاباةِ مِنَ الثلث (٢)، ولو وجد العيب، وتعذَّر الرد بسبب، فأعرض عن الأرش، اعتُبِرَ قَدْرُ الأرش من الثلث، وقدْرُ المحاباة في الإقالة يُعْتَبَر من الثلث، كما في البيع والشراء، وخُلْعُ المريض، لا يُعْتَبَرُ من الثلث؛ لأنَّ له أن يُطَلِّقَ مجانًا، ولأن الوارث لا ينتفع ببقاء النِّكَاح، وأما خلع المريضة، فمذكور في الكتاب في "باب الخلع".

قَالَ الْغَزَالِيُّ: (فَإِنْ قِيلَ): فَكَيْفَ يُحْسَبُ مِنَ الثُّلْثِ (قُلْنَا): إنْ كَانَتِ التَّبَرُّعَات مُنْجَزَةٌ علَى التَّرْتِيبِ قُدِّمَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ هِبَةٌ وَإِقْبَاضٌ فَهِيَ أَوْلَى مِنَ العِتْقِ بَعْدَهَا، وَإِنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا وَضَاقَ المَالُ أُقْرعَ (ح) بَيْنَهُمْ، وَإِنْ وَهَبَ عَبِيدًا نَفَذَ فِي بَعْضِ كُلِّ عَبْدٍ لَأَنَّ التَّشْقِيصَ في العِتْقِ مَحْذُورٌ لِوُرُودِ الخَبَرِ فِيهِ، وَإِنْ أَضَافَ الْكُلَّ إلي المَوْتِ فَفِي تَقْدِيمِ العِتْقِ عَلَى غَيْرِهِ قَوْلاَنِ، وَلاَ يُقَدَّمُ (و) الْعِتْقُ عَلَى الوَصِيَّةِ بِالعِتْقِ، وَهَلْ تُقَدَّمُ الكِتَابَة عَلَى الهَبَاتِ؟ خِلاَفٌ (و)، وَالكتَابَةُ مَحْسُوبَةَ (ح) مِنَ الثُّلُثِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفصلُ الثالثُ في كيفيَّة الاحْتِسَاب من الثُّلُثُ، إذا وُجِدَ تبرُّعان فَصَاعِدًا، وضاق عنهما الثُلُث، فهي إما منجَّزةٌ، أو معلَّقة بالموت، أو هي من النوعَيْنِ جميعاً:


(١) أي وإن قلنا: الملك للمشتري أو موقوف لم يعتبر من الثلث، وعما إذا ترك الأمرين حتى انقضى الخيار وقد يظن التحاقه بالإجازة، والأشبه خلافه بدليل قوله بعده "وكذا لو اشترى بمحاباة ثم مرض ووجد بالمبيع عيبًا ولم يرد مع الامكان لا يعتبر قدر المحاباة من الثلث".
قال ابن الرفعة: والخلاف في تقديم العتق عند اجتماعه مع الهبة يظهر فيما إذا قلنا الملك يحصل بالموت، أما إذا قلنا: لا يحصل إلا بالقبول فإن قلنا بتقديم العتق فلا إشكال. وإن قلنا بمساواته ففي هذه الحالة يظهر أن يكون في تقديمه وجهان بناء على ما لو أوصى بعتق عبد ودبر آخر وضاق الثلث هل يستوي نظراً لاستحقاق العتق أو تقدم التدبير لوقوعه بالموت وتأخر الإعتاق وفيه وجهان.
(٢) أي لجريان العقد في الصحة، وسكت عن قدر البعض، واقتضى كلامه فيما سيأتي اعتبار فإنه قال في المسائل الدوريات: الثالث اشترى المريض عبداً بعشرة وترك بسواه عشرين وأوصى لرجل بعشرة ثم وجد بالعبد عيبًا فنقصه خمسة فاختار إمساكه جاز، وكأنه حاباه بخمسة، فالمحاباة مقدمة على الوصية للموصى له باقي الثلث وهو خمسة انتهى. وبذلك صرح الإِمام في باب التفليس.

<<  <  ج: ص:  >  >>