وهل ينفرد الموصَى له بالمسافرة بالمُوصى بمنفعته؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، كما لا يجوز لزوج الأمةِ أنْ يُسَافِر بها، رعايةً لحق المالك.
وأظهرهما: نعم، وإلا، فيتبعض عليه الانتفاع، وليس كالزَّوْج مع السيد، فإن المنفعة هناك للسيد، ولذلك يستقلُّ بالمسافرة وملك الرقبة، هاهنا لا يستقل.
وقوله في الكتاب في مبدأ الفصل "الوصيةُ بمنافعِ الدارِ، وغلَّةِ البُسْتَانِ، وثمرتِهِ لفظ الغلَّة" بالدار أليق منه بالبستان، فلو قال: بمنافع الدار، وغلَّتها، وثمرة البُسْتَانِ كان أولَى، وهكذا هو لفظ الشافعيِّ -رضي الله عنه- في "المختصر" قال: "ولو أوصَى بخدمة عبده، أو بِغَلَّةِ دارِهِ أو ثمرة بستانه".
قَالَ الرَّافِعِيُّ: ومن الفروع ما تتعلق بجانب وارِثِ المُوصِي، وهي أربعة:
إحداها: الوارثُ يملك إعتاقَ العَبْدِ المُوصَى بمنفعته؛ لأن رقبته خالصةٌ له، وأشار صاحب "الرقم" وغيره إلَى خلاف (١) فيه؛ والمذهب الأول؛ وحكى الإمام وجهَيْن في جواز إعتاقه عن الكفارة.
وأصحهما: المنع؛ لأنه عاجزٌ عن الكسب لنفسه، فأشبه الزَّمَنِ، ثم إذا أُعْتِقَ، فوجهان:
أصحهما: وهو المذكور في الكتاب: بل في معْظَم كتب الأصحاب: أن الوصيَّةَ تبقَى بحالها، وتكونُ المنافعُ مستحقَّة للموصَى له، كما كانت؛ كما إذا أعتق العبد المستأجر، ولا يرجع العتيق على المعتق بقيمة المنفعة، بخلاف ما إذا آجر عبده، ثم أعتقه، حيث قلنا: عَلَى رأيٍ: إنه يرجع بقيمة المنفعة للمدَّة الباقية؛ لأنه أتلف عليه منفعتَهُ بعْد العتق، بعقد قبله، وأخذ عوضَهَا، وهاهنا مِلْكُ الرقبة مسلوب المنفعة، ولم يفوت عليه شيئاً.
والثاني: نقله أبو الفرج الزاز أن الوصيَّةَ تَبْطُلُ، ويبعُدُ أنْ يكون الحُرُّ مستحِقَّ