للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنفعة أبد الدهْرِ، وعلى هذا؛ فهل يرجع الموصَى له على المعْتِقِ ببدل المَنَافِع؟ فيه وجهان، وهل للوارِثِ كتابةُ هذا العبد؟ فيه وجهان:

أظهرهما: لا؛ لأن أكسابه مستحَقَّةٌ للغير فلا تنصرف إلَى جهة الكتابة.

والثاني: نعم؛ اعتماداً على ما يأخذه من الزكاة.

الثاني: إن كانت الوصيةُ بمنفعةٍ مدةً معلومةً، فنفقته على الوارث؛ لأنه مالك الرقبة. كما إذا آجر عبده، وإن كانت الوصية بها على التأبيد، لثلاثة أوجه:

أصحهما: أن الجواب كذلك، فإن كان يتضرَّر بذلك فخلاصُهُ في أن يعتقه.

والثاني: وبه قال أبو حنيفة -رضي الله عنه- والإِصطخريُّ: أنها على الموصَى له؛ لأنه ملك منفعته عَلَى التأبيد، فأشبه الزَّوْجَ.

والثالث: أنَّها في كسبه، فإن لم يكُنْ له كسْبٌ، أو لم يَفِ بها، ففي بيت المال (١)؛ لأن الإيجاب على الوارث، ولا فائدة له في العبد وإجحافٌ به، والموصَى له، لا يملك الرقَبَةَ، حتى نوجب عليه، فتعيَّن ما ذكرناه، والفطرة عَلَى ما ذكره أبو الفرج السرخسيُّ، وطائفة، كالنفقة، ففيها الخلاف.

وعلى ما أورده صاحب "التهذيب" القطعُ بوجوبها عَلَى مالك الرقبة، وهو كما حَكَيْنَا عن أبي الفضل بنْ عبدان في "باب الفطرة" فيما إذا أوصَى برقبة عبده لرجل، وبمنفعته لآخر، وعلفُ البهيمةِ كنفقة العبد، وعمارة الدار الموصَى بمنافعها وسقي البستان الموصى بثماره، إنْ تراضيا عليه، أو تطوَّع به أحدهما، فذاك، وليس للآخر منعه، وإن تنازعا، لم يُجْبَرْ واحدٌ منهما، بخلاف النفقة؛ لحرمة الحيوان.

وأشار بعضُهم إلَى طرد الخلاف المذكور، في العمارة، وسائر المؤنات (٢).

الثالث: بيع الموصَى بمنفعته مدةً؛ كبيع المستأجر، وإن كان مَوَصًى بمنفعته عَلَى التأبيد، ففي بيع الوارِثِ الرقبَةَ وجوه:

أحدها: الصحة؛ لكمال المِلْكِ فيها.


(١) وأطلق الماوردى في نقل الثالث ولعله وجه رابع، الدارمي صرح به فقال: تفقه على أربعة، أوجه:
أحدها: على مالك المنفعة، والثاني: على مالك الرقبة. والثالث: في بيت المال: والرابع: في كسبه مما فضل فللمالك منفعته وإن عجز فعلى بيت المال.
(٢) هذا الذي جزم به من عدم إجبار أحدهما مخالف لما نقله في باب الرَّهْن عن الروياني أن الراهن والمرتهن لو اتفقا على ترك سقي الثمرة مع إمكانه أن لا يجوز وادعى الروياني أنه الأصح ووجهه ظاهر لأن تركه إضاعة المال وهو غير جائز.

<<  <  ج: ص:  >  >>