للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احْتُسِبَ مِنَ الثُّلُثِ (وَالثَّالِثُ) أَنَّ الْتِزَامَهَا كَالوَصِيَّةِ فَيُؤَدِّى مِنَ الثلُثِ وَإِنْ لَمْ يُوصَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الحجُّ ضَرْبَانِ: متطوَّع به، ومفرُوُضٌ:

الضرب الأوَّل: المتطوَّع به، وصحة الوصية [به] مبنيةٌ عَلَى دخول النيابة فيه، وفيه قولانِ مذكُورانِ في "كتاب الحج"، أصحُّهما الجواز، ثم هو محسوبٌ من الثُّلُث (١)؛ كسائر التبرعات، وُيحجُّ عنه منْ الميقات، إنْ قيد به، ومن بلده، إنْ قيد به، وعند الإطلاق فيه وجهان:

أحدهما: من الميقات؛ حَملاً عَلى أقل الدَّرَجَات.

والثاني: منْ بَلَدِهِ؛ لأن الغالبَ التجّهِيزُ للحَجِّ، والنهوض له من البلد، وإلى الأول ميل أكثرهم؛ لكن في "عيون المسائل" عن نصَّه: أنه إذا أوصَى أن يحج عنه متطوعاً، فبلغ ثلثه الحج منْ بلده، أحج عنه من بلده، وإن لم يبلغ أحج عنه من حيث بلغ ثلثه؟ وربَّما حُمِلَ ذلك على ما إذا قيد به، وهل يقدم حجُّ التطوُّع في الثلث على سائر الوصايا [عن القفَّال: أنه على القولين في تقديم العتق على سائر الوصايا] (٢) لأن الحج قربةٌ كالعتق. قال الشيخ أبو على -رحمه الله-: ولم أرَ هَذَا لأحدٍ منْ أصحابنا، وجعلوا الوصيَّة به مع سائر الوصَايَا على الخلافِ فيما إذا اجتمع حقُّ اللهِ تعالَى وحقوق الآدميين (٣). وإذا لم يف الثلث، أو حصة الحَجِّ منه بالحج، بَطَلَتِ الوصية.

وكذا لو قال: أحجوا عني بمائة من ثلثي، ولم يمكن أن يحج بها, ولو قال: أَحجُّوا عني بثُلُثي، صُرِفَ ثلثه إلى ما يُمْكِنُ منْ حجتين، وثلاث فصاعداً، فإن فَضَلَ مَا


(١) هذا متفق عليه لأن ذلك تبرع مضاف إلى ما بعد الموت.
قال في المطلب: ولو كان معضوباً فاستأجر منْ يحج عنه تطوعاً في مرض موته وصرف فيه مالاً لم يحسب عليه منْ الثلث كما يصرفه في ملاذه وشهواته.
(٢) قال البكري: قيل فظاهره أن يكون الأصح تقديم الوصية بحج التطوع على الوصية للفقراء أو غيرهم، وفيه وقفة.
قلت: ليس الأمر كذلك وإنما جاء هذا التوهم من اختلال فيما نقله المصنف عن الشيخ أبي علي وإنما حكى الشيخ أبو علي هذا التخريح فيما إذا اجتمع حج التطوع مع الوصية ويخرج من هذا أن حج التطوع وصدقة التطوع سيان، وهي مسألة عزيزة النقل، ولم يصرح بها غير العبادي في الزيادات فقال: الصدقة أفضل من حج التطوع في قول أبي حنيفة، وهذا يحتمل في هذا الزمان انتهى، وقد يفهم أن مذهبنا بخلاف، وحيث قلنا: بتقديم الحج، فشرطه للحاج زيادة على أجرة المثل لم يقدم تلك الزيادة لا سبب التقديم مدة الحج فاجتمعت به، وقيل يقدم لأن مصرفها الحج، واستبعده الإمام قال في الذخائر: وهو ظاهر قول أكثر الأصحاب.
(٣) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>