للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُمكِنُ أن يَحُجَّ به، فهو للورثة (١).

ولو قال: أحِجُّوا عني بثلثي، حجةً صُرفَ ثلثه إلَى حجةٍ واحدةٍ، ثم إن كان الثلُث قدْرَ أجرة المثل، أو دُونَها، فسواءٌ رغب وارث، أو أجنبيٌّ، وإن كان أكثر من أجرةِ المِثْلِ، لم يستأْجِرْ به الأجنبيُّ؛ لأن الزيادةَ محاباةٌ، فلا تجوز للوارث.

الضرب الثاني: المفروضُ، وهو حجَّة الإِسلام أو غيرها.

أما حجَّة الإِسلامِ، فمن مات، وهي في ذمته، قُضِيَتْ من ماله، وإن لم يوص بها، كالزكوات، وسائر الديون، ويجوز أن يُعْلَم بالواو [قوله في الكتاب] "فإنه دين يخرج منْ رأس المال" بالحاء والميم؛ لما ذكرنا في "باب الحج" أن أبا حنيفة ومالكاً -رحمهما الله تعالى- قالا بأنَّهَا تسقطُ بالموت، ولو أوصَى بحجة الإِسلام، نُظِرَ: إن إضافها إلى رأس المال، فهي تأكيدٌ وتذكير منه، وكذلك يفعل، لو لم يوص، وإن أضاف إلى الثلث، قضى منه، كما لو أوصَى بقضاء دينه منْ ثلثه، وتتضمن هذه الوصية ترفيه الورثة بتوفير الثلثين علَيْهم.

وفي تقديم الحجِّ عَلَى سائر الوصايا وجّهَان.

وقال الشيخ أَبو عليٍّ: قولان للشافعيِّ -رضي الله عنه- يجريان فيما لو أوصَى بقضاء دَيْنِهِ منْ الثلث:

أحدهما: التقدُّم؛ لأنه لو لم يُوص، كان الحجُّ مقدَّماً في جميع المال على الوَصَايَا، وإذا جعَلَهُ في الثلث، تقدَّم فيه على الوصايا.

والثاني: لا يتقدَّم، بل يزاحمهما بالمضاربة؛ لأنه لما علَّقه بالثُّلُث الذي هو محلُّ الوصايا، كان سبيلُهُ [سبيلها] (٢) وهذا أصحُّ عند صاحب الكتاب، ثم إن لم يفِ الثلُثُ بالحَجِّ على الوجه الأول، أو الحاصل منْ المضاربة علَى الوجْه الثاني، كُمِّلَ منْ رأس المال، كما لو قال: اقْضُوا دَينِي منْ ثُلُثِي، فلم يف الثلث به، وحينئذ فالمسألة تَدُورُ وسنوضِّح في الفصل مِثَالَ ذلك.

وإنْ أطلق، ولم يضف إلى الثلث، ولا إلَى رأس المال، فالجوابُ عَلَى الاختصار، أنه يُحَجُّ عنه منْ رأس المال عَلَى المذهَب، وقيل منْ الثلث، وفي "البسيط"


(١) سكت في الحالة الاُولى عن الفاضل هل يكون للوارث أو يكمل به نفسه الوصاية وقال في المطلب: لم أر فيه نقلاً.
والظاهر أنه للوارث، وأفهم من كلامه أنه لو أمكن صرف الفاضل إلى العمرة لم يصرف وبه صرح الماوردي لأنه أوصى بالحج لا بالعمرة.
(٢) سقط في: ب، ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>