إحداها: في [أن] التوسُّل إلى الأَمر الذي يَحْصُلُ به الرجوع، هل يكون رجوعاً؟
مثاله: العرض على المبيع؛ فيه وجهان؛ كالوجهين في التوكِيل بالبيع، والأظهرُ أنه رجوعٌ، وكذا العَرْضُ على الهبة، ويجري الوجهان في مجرَّد الإِيجاب في الرَّهْن، والهبة، والبيع.
الثانية: تزويجُ العبد والأمة الموصَى بهما، وإجارتهما [وختانهما،](١) وتعليمهما: ليس برجوع، وكذلك الإعارة، والإِذْنُ في التجارة، والاستخدام وركوب الدابة، ولبس الثوب؛ لأن هذه التصرفَات لا دلالَة لها على الرجوع بل هي: إِما انتفاع، وله المنفعة بالرقبة قبل الموت، وإِما استصْلاحٌ محض، وربما قَصَد به إِفادةَ المُوصَى له.
واعلم أن هذه المسألة لا اختصاصَ لها بهذا المَوْضِع، وكان الأحسن أن يذكر أسباب الرجوع بتمامها، ثم يذكر ما ليس برُجُوع.
الثالثة: وطء الجارية الموصَى بها مع العَزْل ليس برجوع؛ كالاستخدام، وإن أنزل الماء في الفرج، ولم يعزل؟ ففيه وجهان؛ قال ابن الحدَّاد: هو رجوع؛ لأن الظاهر أنه أراد الإيلاد، والتسرِّي، فكان كالعَرْض على البيع، وسائر ما يدلُّ على الرجوع، واسششهد عَلَى هذا بأن الشافعيِّ -رضي الله عنه- قال: في "الإملاء": لو خلف ألا يتسرَّى، فوطئ جاريةً من جواريه، وعزل، لم يحنَثْ، وإن لم يعزل، حنث؛ لأنه قد طلب الولد، وطلب الولد هو التسرِّي، وهذا ما أورده صاحِبُ الكتاب.
وقال أكثرهم: لا يكون رجوعاً، ولا اعتبار بالعزل وتَرْكِهِ، فقد ينزل ولا تَحْبَلَ، وقد يعزل، فيسبق الماء، وربما اعتذروا عن العَرْض على البيع ونحوه؛ بأن اقتضاء العَرْض على البيع إلى البيع أظْهَرُ وأقرب من إفضاء الوطء إلى الولد.
وأما مسألة اليمين، فعن ابن سُرَيْج في التسرِّي ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه لو وطئ من غير عزل على ما ذكره ابن الحَدَّاد.
والثاني: أن التسرِّيَ هو مجرَّد الوطء.
والثالث: أنه الوطء مع المنع من الخروج، وعلى هذين الوجهين: لا فَرْقَ بين أن يَعْزِلَ أو لا يَعْزِلَ.
الرابعة: إذا أوصى بمنفعة عبد، أو دار سنةً، ثم أجَّر الموصى به سنةً مثلاً. نُظِرَ: