للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن مات بعد إنقضاء مدة الإجارة، فالوصية بحالها، وإن مات قبله، فوجهان:

أرجحهما: على ما يقتضيه إيراد الكتاب وغيره [أنه] (١) إن انقضت مدة الإِجارة قبل انقضاء سنة مِنْ يَوْمِ الموت [فالمنفعة بقيَّة السَّنة للموصَى له، ويُبْطُل الوصيَّة فيما مضَى، وإنِ انقضَتْ بعد انقضاء سنة من يَوْم المَوْتِ] (٢) فالوصية باطلةٌ؛ وذلك لأن المستحق للموصَى له منفعة السنة الأولَى، فإِذا انصرفَتْ منفعتها إِلى جهة أُخرَى، بطلَتِ الوصيَّة.

والثاني: أنه يستأنف للموصَى له سنة من [يوم] (٣) انقضاء مدة الإِجارة, لأن الوصيَّة بمنفعة سنة، وإنما يُصْرَفُ إليه السنة الأولَى مبادرة إلى توفية الحق، فَإذا منع منه مانع، تداركْنَا بسَنَةٍ أُخرى، فإن كان الموصِي قد قيد وصيَّته بالسنة الأولَى وجب ألا يجيء الخلاَفُ، ثُمَّ قضية التوجيهين: أن يُقَالَ: لو لم يسلّم الوارث [حتى انقضت سنة] (٤) بلا عُذر، فعلى الوجّه الأوَّل يغرم قيمة المنفعة، وعلى الثاني: يسلَّم سنة أخْرَى.

وقوله في الكتاب: "إنْ بقي من مدة الوصية شيْء" يعني به سنة من يوم الموت، لكن هذه اللَّفظة تتفرع على أنَّ المستحَقَّ بالوصيَّة منفعةُ السَّنة الأولَى، وصاحب الوجّه الثَّاني لا يسلِّمُه، والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الرَّابعُ: مَا يَبْطُلُ بِهِ اسْمُ المُوصَى بِهِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ فَطَحَنَهَا، أَوْ دَقِيقٍ فَعَجَنَهُ، أَوْ غَزْلٍ فَنَسَجَهُ، انْفَسَخَتِ الوَصِيَّةُ، وَلَوْ أوْصَى بِخُبْزٍ فَجَعَلَهُ فَتِيتاً، أَوْ بِلَحْمٍ فَقَدَّدَهُ، أَوْ بِرَطَبٍ فَجَفَّفَهُ، أَوْ بِقُطْنٍ فَحَشَا بِهِ الفِرَاشَ، أَوْ بِدَارٍ فَانْهَدَمَتْ حَتَّى بَطَلَ اسْمُ الدَّارِ، أَوْ بِعَرْصَةٍ فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ، أَوْ بِثَوْبٍ فَقَطَعَهُ قَمِيصاً، أَوْ بِخَشَبٍ فَاتَّخَذَهُ بَاباً، أَوْ بِشَيْءٍ وَنَقَلَهُ مِنْ مَوْضِعِ المُوصَى لَهُ إِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ فَفِي الكُلِّ وَجْهَانِ، فأَمَّا إِذَا أوْصَى بِصَاعِ حِنْطَةٍ، فَخَلَطَهَا بِغَيْرهَا كَانَ رُجُوعاً، وَإِنْ أوْصَى بِصَاعٍ مِنْ صُبرَةٍ، فَصَبَّ عَلَيْهَا صُبْرَةً مِثْلَهَا، لَمْ يَكن رُجُوعاً؛ لأنَّهَا زِيادَةٌ لَمْ تَدْخُلْ في الوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ أَرْدَأَ فَوَجهَانِ.

قَالَ الرَّافعِيُّ: إذا أوصَى بحنطة، فطحنها، أو اتخذ منها سويقاً، أو بذَرَها، أو بدَقِيقٍ، فعجنه بَطَلتِ الوصيةُ، وكان ما أتى به رجوعاً منه؛ لمعنيين.


(١) سقط في: ز.
(٢) سقط في: ز، أ.
(٣) سقط في: ز.
(٤) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>