والثاني: أنَّ له الحفْظَ والتصرُّف؛ اعتماداً عَلَى العُرْف.
قال صاحب "التتمة": والمذهَبُ هذا، وذكر بدل الوجْه الأوَّل وجهاً: أنَّ الوصاية لا تصِحُّ؛ حتى يبين ما فوضه إِليه، فحصل في المسألة ثلاثةُ أوجهٍ، وقد عرفت بما ذكرنا أنَّ قوله في الكتاب "فإن لم يذكُر التصرُّف ... " إلى آخره، ليس المرادُ منه ما إذا اقتصَرَ عَلَى قوله: "أوصيتُ إليكَ، فلا خلافَ فيه، وإنَّما المرادُ ما إذا قال: أوصيتُ إِليك في أمور أطْفَالِي، ولم يتعرَّض للتصرف، ولو اعتقل لسانه، فأوصى بالإشارة المفهمة، أو قُرِئَ عليه كتابُ الوصية، فأشار برأسه أنْ نَعَمْ، صحَّت؛ لأنَّه بالعجْزِ، صار كالأخْرَسِ، وعن أبي حنيفة: أنَّها لا تصحُّ، والله أعلم.
إحداها: إذا أوصَى إليه في بَعْض التصرُّفات، لم يتعداها؛ خلافاً لأبي حنيفة؛ حيثُ قال: إذا أوصَى إليه في شيءٍ مما يُوصَى فيه، صار وصيّاً في جميع ما يُوصَى فيه.
لنا: أنَّه متصرِّف بالإذن والتولِيَة فأشبه الوكيل والحاكمُ لا يتصرَّفان في غير ما فوض إليهما، وأيضاً: فالوصيُّ أمينٌ، لا يثبت أمانته في غير المؤتمن فيه؛ كالمودع.
الثانية: يجوز أنْ يُوصِيَ إلى اثنين، فصاعداً؛ كما يجوزُ أن يُوكِّلَ اثنين، ويجوز أنَّ يُوصِيَ إلى واحدٍ، وينصب عليه مشرفاً، فلا يتصرَّف الوصيّ إِلاَّ بإِذنه، ثم إِذا أوصَى إلى اثنين، نُظِرَ: إن كانتِ الوصايةُ في ردِّ الودائع، والغُصُوب، والعواري، وتنفيذ الوصية المعيَّنة، وقضاءِ الديون الَّتي تشملُ التَّرِكة عَلَى جنسه، فلكلِّ واحدٍ منهما الانفرادُ به؛ لأنَّ صاحِبَ الحقِّ مستقلٌّ بالأخذ في هذه الصُّورة، فلا يَضُرُّ الانفرادُ هكذا نقل