استدل الإمامان مالك، والشافعي على أن النفل يكون من الخمس على وجه العموم بما رواه مالك في الموطأ عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيّب أنه قال: كَانَ النَّاسُ يُعْطُوُنَ النَّفْلَ مِنَ الخُمْسِ "قال الإمام مالك: وذلك أحسن ما سمعت في ذلك" قال القرطبي: وإنما لم ير النفل من رأس الغنيمة لأن أهلها معينون، وهم الموجفون، والخمس مردود قسمة إلى اجتهاد الإمام، وأهله غير معينين فلم يمكن بعد هذا أن يكون النفل من حق أحد وإنما يكون من حق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الخمس. ولكن الإمام الشَّافعي يرى أن النفل لا يكون من الخمس كله بل من خمس الخمس المرصد للمصالح كما هو الأصح في المذهب؛ لأن الخمس بالنص موزع على خمسة قسم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتصرف فيه كيف شاء ويضعه حيث أراه الله، وهذا الذي يعطي منه النفل، وما سوى ذلك السهم من بقية الخمس يكون لمن سماهم الله عزّ وجلّ فى كتابه، وهم ذو القربى، ومن عطف عليهم فلا ينفل من حقوقهم لأحد، قال في "الأم" "وقول سعيد بن المسيب يعطون النفل من الخمس كما قال: إن شاء الله وذلك من خمس النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن له خمس الخمس من كل غنيمة فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يضعه حيث أراه الله كما يضع سائر ماله فكان الذي يريه الله تبارك وتعالى ما فيه صلاح المسلمين، وما سوى سهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من جميع الخمس لمن سمّاه الله عَزَّ وَجَلَّ له فلا يتوهم عالم بأن يكون قوم حضروا فأخذوا مالهم وأعطوا مما لغيرهم إلاّ أن يطوع به عليهم غيرهم". واستدل الإمام أحمد على أن النفل من الأخماس الأربعة بما رواه أحمد وأبو داود عن معين بن يزيد السلمي قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لاَ نَفْلَ إلاَّ بَعْدَ الْخُمُسِ" وبروايتهما أيضاً عن حبيب بن مسلمة أن النبي "نَفَلَ الرُّبْعُ بَعْدَ الْخُمْسِ في بَدْأَتِهِ، وَنَفَلَ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمْسِ في رَجْعَتِهِ" فهذان الحديثان صريحان في أن النفل من الأخماس الأربعة. واستدل القائلون بأن النفل يكون من أصل الغنيمة بما رواه أبو داود عن نافع عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث سريّة قِبَل نجد فأصَبْنَا نِعَماً كَثِيراً فَنَفَلَنَا أُمِيْرُنَا بَعِيراً بَعِيراً لكل إنسان، ثم قدمنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَسَمَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَنَا غَنِيْمَتَنَا فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ منَّا اثْنَي عَشَرَ بَعِيْراً بَعْدَ الْخُمْسِ وَمَا حَاسَبَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بِالَّذِيْ أَعْطَانَا صَاحِبنَا وَلاَ عَابَ عَلَيْهِ مَا صَنَعَ فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ منَّا ثَلاَثَةٌ عَشْرَ بَعِيْراً بَنَفْلِهِ" وهو صريح في أن التنفيل كان من أصل الغنيمة. واستدل الحنفية بأن لم يثبت للغانمين حق قيل الإحراز فليس في التنفيل بالكل أو بالبعض اعتداء على حق أحد امّا بعد الإحراز فقد تأكد حقّ الغانمين به، ولهذا يورث عمّن مات منهم فلا يجوز إبطال حقهم فيمتنع التنفيل بما يتعلق به حقهم وهو الأخماس الأربعة، وليس لهم حق في الخمس فجاز للإمام أن ينفل منه. وقد اعترضوا هم على ذلك بأن حق الفقراء أيضاً قد تأكد في الخمس كما تأكد حق الغانمين في =