للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحَّتِ الإجارةُ، فللأجير الأجرةُ، ولا سَهْم، ولا رضخ وينبغي أنْ يجيء عَلَى وجهٍ ذُكِرَ في صحَّة استئْجَارِ المُسْلِم على الجهادِ الأقوالُ الثلاثةُ، وإذا لم تصحَّ الإجارة، فلا أجْرَةَ له، وفي سلم الغنيمة، فوجهان:

أحدُهُما: أنه يستحقُّه لشهودِ الوَقْعَة.

والثاني: وهو المذكورُ في "التهذيب": المنْعُ، قاتل أو لم يقاتل؛ لأنه أعرضَ عَنْه بالإجارة، ولم يحضُرْ مجاهداً، والوجهانِ فيما ذكر الشيخ أبو محمَّد -رحمه الله- مبنيَّانِ على القولَيْنِ فيما إذا أحْرَم الأجيرُ عن المستأجِرِ، ثم صرف النية إلَى نفسه، هل يستحقُّ الأجرة، وهما شبيهانِ بالوجْهَيْنِ فيما إذا شَرَطَ في المضاربة كلَّ الربح للمالِكِ، هل يستحقُّ الأجرة، قوله في الكتاب: "إنْ لم يقاتِلْ، لم يستحق"، يجوز إعلامه بالواو؛ للطريقة المطْلقة.

وقوله: "وبيْنَ إسْقَاط الأجْرَةِ من ابتداءِ القتالِ، وبين الغنيمة" أي: وبين إسقاطِ الغَنِيمَةِ، وإلاَّ فإسقاطُ الأجرةِ إثباتُ الغنيمةُ، فلو لم يضمن في الغنيمةِ الإسْقَاط، لم يكُنْ فيه تعرض للطَّرَفَينِ، وقوله: "من ابتداء القتال" مرقومٌ بالواو؛ للوجه الآخر، وقوله: "وإنْ كان كافراً، اسْتَأجَرَهُ الإمام" أشار به إلَى أنَّ استئجار الآحادِ ممنوعٌ منه، وفيه خلافٌ مذكورٌ في السير وقوله: "وإن كان مسلِماً فلا" يجُوزُ إعلامه بالواو لشيء يُذكَرُ هناك.

الثانية: تُجَّار العَسْكر وأهْلُ الحِرَفِ، كالسَّرَّاجين الخياطين البزازين والبقالين، وكلَّ من خرج لغَرَضِ تجارةٍ أو معاملةٍ، إذا شهد الوقعةَ، هل يُسْهَمُ له؟ فيه قولانِ؛ كما في الأجير، ولا يجيءُ فيهم قولُ التخيير، وفي موضعِ القولَيْنِ طُرُقٌ:

أظهرها: أنَّ القولَيْنِ فيما إذا قاتلوا، فإنْ لم يقاتِلُوا، لم يستحقُّوا قولاً واحداً، وهذا ظاهر لفظ "المختصر" وهو الذي يقتضيه نَظْمُ الكتاب.

والثاني: وهو الذي قال به القاضي أبو حامد: "أنَّ القولَيْنِ فيما إذا لم يقاتلوا، وأما إذا قاتَلُوا، استحقُّوا بلا خلاف، لأنَّا عرفنا بقتاله أنَّ قصْده لمْ يَكُنْ لمحْضِ التجارةِ، فصار كما لو خرج للجِهَاد، وحمل مع نفسه متاعاً يبيعه.

والثالث: وبه قال أبو إسحاق، وابْنُ القطان -رحمهما الله تعالَى- أنهما يُطْرَدَانِ في الحالَتَيْنِ، وبهذا أجاب القاضي الرُّويانيُّ -رحمه الله- في "الحلية" وقال: أصحُّ القولَيْنِ: أنه يُسهَمُ للتاجر؛ لتكثيره سوادَ المُسْلِمين" وإذا قلنا: لا يُسْهَمُ للتاجر، فهل يُرْضَخُ له؟ فيه وجهانِ، كما في الأجير؛ الأصحُّ: نعم.

الثالثةُ: لو أفلت الأسيرُ من يد الكافِرِ، وشهد الوقعةَ مع المسلمين؛ فإِنْ كَانَ من

<<  <  ج: ص:  >  >>