للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الجيش استحَقَّ السهْمَ، قاتل أو لم يقاتل؛ لأنه خرج للجهاد وقَهْرِ العَدُوِّ بالإفلات، وشهد الوقعة، وإنْ كان من جيش آخَرَ، أسر من قبل، فقوْلان؛ وجه المنع: أنه لم يَقْصِدِ الجهاد، ووجْهُ الاستحقاقِ: شهودُ الوَقْعة، وفي محلِّ القولَيْن طريقان عن أبي إسحاقَ وغيره، طَرْدُ القولَيْنِ فيما إذا قَاتَلَ أو لم يقاتل [فأظهرهما، وهو المنصوصُ في "المختصر": أن القولين فيما إذا لم يقاتل] (١) فإن قاتل، استحقَّ بلا خلاف؛ لأنه قد بانَ بالقتال أن قصْدَه الجهادُ، وأنَّ الخلاصَ لم يتمحَّض عوضاً له، فصار كما لو اختلط أن أحاط المشركون بأهل قرية لا يُسْهَمُ للمقيمين بها، حتَّى يقاتلوا؛ ليمتاز المجاهِدْ عن المقيم، حُكِيَ هذا التوجيهُ والشبه (٢) عن أبي يعقوب الأبيوردي، هذا إذا أفلت قبل الحرب، وحيازة الغَنِيمَةِ، وإنْ أفلَتَ بعد الحرب، وقبل الحِيَازة، فعلى ما مَرَّ في لحوق المَدَدِ، وإنْ أفلت بعد الحيازة، قال في "الشامل": إن قلنا: تملك الغنيمة بالحيازة، فلا سهم لَه، وإلا فَهُوَ كما لو أفْلَتَ قبل الحيازة ولم يقاتِلْ، وإذا لم نَجْعَلْ للأسير السهْمَ، ففي الرضْخِ الخلافُ السابِق وعند أبي حنيفة -رحمه الله- حكمُ الأجيرِ والتاجِرِ والأسيرِ واحدٌ، إن قاتلوا، استحقُّوا السهْمَ، وإلا فلا.

الرابعة: لو أسلم كافرٌ، فالتحقَ بجُنْدِ الإِسلام، استحَقَّ السهم، قاتل أو لم يقاتل؛ لأنَّه قصد إعلأَ كلمةِ الله تعالَى بالإِسلام، وشهودِ الوَقْعَة فيقبح حرمانُهُ.

وقوله: "استحقَّ السهْمَ وإنْ لم يقاتل علَى الأظْهَر" هكذا هو في متْن الكتاب، وقضيته إثباتُ خلافٍ في المسألة وخطَّ بعض المعنيين بهذا الكتاب عَلَى كلمة "على الأظهر" لأنه لم يذكر في "الوسيط" خلافاً فيه، بل قال: "يستحقُّ السهْمُ قَاتَلَ أو لم يُقَاتِلْ" لكن يجوز أنْ يترك بحالها لأنَّ أبا الحسن العباديَّ قال في "الرقم لو أسلم كافرٌ، وحضر المعسكر إنْ قاتَلَ، استحق، وإنْ لم يقاتِلْ، لم يستحق" قال: وأصْلُ هذه المسائِلِ إنَّ القصْدَ إلى الجهَادِ، هل هو شرطٌ يعني من الابتداء، واختلافُ جوابِ الأئمةِ يُوجِبُ الخلاف.

واعْلَمْ أنَّ الحكم في هذه الصُّوَرِ بالترتيب، فالكافِرُ الذي أسْلَم أولَى بالاستحْقَاقِ، ويليه الأسيرُ لما في الإفْلاَتِ من قهْرِ الكفار، ويليهما التاجِرُ والأَجير والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الرَّابِعَةُ يُسَوَّى (ح م) بَيْنَ الجَمِيعِ فِي القِسْمَةِ إلاَّ لِأَصْحَابِ الرَّضْخِ فإنَّهُمْ يَنْقُصُونَ، وَإلاَّ الفَارِسَ فَإنَّهُ يُعْطَى (ح) ثَلاَثَةَ أَسْهُمٍ وَللِرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلاَ يُعْطَى إلاَّ لِرَاكِبِ الخَيْلِ، ثُم لاَ فَرْقَ فِي الفَرَسِ (و) بَيْنَ العَرَبيِّ وَالعَجَمِيِّ وَالتُّركِيِّ، وَلاَ يُعْطَى


(١) سقط في: ز.
(٢) في ب: والتنبيه، وفي أ: والتقسيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>