للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّعِيفُ وَالأَعْجَفُ عَلَى أَقْيَسِ القَوْلَيْنِ، وَلَوْ أَحْضَرَ فَرَسَيْنِ لَمْ يُعْطَ (و) إِلاَّ لأحَدِهِمَا، وُيعْطَى لِلفَرَسِ المُسْتَعَارِ وَالمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَا المَغْصُوبُ، (و) وَلَكِنَّهُ لِلغَاصِبِ، أَوِ للمَالِكِ فَقَوْلاَنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قدْ مَرَّ أنَّ المَالَ المغنوم يبدأُ منه بالسَّلَب والمُؤَن، ثم يقسَّم الباقي خمسةَ أقسامٍ، ويجعلُ أربعةُ أخماسِهَا للغانِمِينَ، يُسوَّى بينهم في ذلك، ولا يُفَضَّل بعضُهُم على بعضٍ إلاَّ بشَيْئَيْنِ:

أحدُهُما: النُّقْصَان المقْتَضِي للرَّضْخِ، عَلَى ما سبق، وهذا مفرَّع عَلَى أنَّ الرضْخَ من الأخماس الأربعة.

والثاني: أنَّ الفارسَ يُفضَّل على الراجِلِ، ويعطَي الفارسُ ثلاثةَ أسهُم؛ سهماً له، وسهمين لفرسه، ويعطي الراجل سهماً، لمَا رُوِيَ عن ابن عُمَرَ -رضي الله عنهما- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "ضَرَبَ لِلْفَرَسِ بِسَهْمَيْنِ، وللفارس بسهم" (١).

وعند أبي حنيفة -رحمه الله-: للفارس سهمان؛ سهمٌ له، وسَهْمٌ لفرسه، وللراجِلِ سهْمٌ واحدٌ، ويتعلَّق بهذا الأصْلِ مسائلُ.

إحداها: لا يلحقُ راكبُ البعير، والفِيلِ، والحِمَارِ، والبَغْلِ براكب الخَيْل؛ لأَنَّ هذه الدوابَّ لا تصلُحُ للحَرْبِ صلاحَيَةَ الخَيْل، ولا يتأتى منْها الكَرُّ والفَرُّ، ولكنْ يعطَى للراكب سهْمٌ، ويرضَخُ لهذَه الدوابِّ، ويجْعَلُ رضْخُ الفيل أكثر من رضْخِ البَغْل، ورَضْخُ البغْلِ أكثَرَ من رَضْخِ الحمَارِ، ولا يبلغ رضخُهُمَا سهْمَ الفَرَس (٢).

الثانية: لا فرق في الخَيْلِ بين الَّذي أَبَوَاهُ عربيَّانِ، ويقال: له العَتِيقُ، والذي أبواه عَجَمِيَّانِ، ويقال: له البِرْذَوْنُ، والذي أبوه عَرَبِيٌّ، وأمه عجميةٌ، وهو الهَجينُ، والذي أبوه عجميٌّ، وأمه عربيَّةٌ، وهو المقرف؛ لأن الكَرَّ والفر يجيء من هذه الأنواع، وقد روي أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "الخَيْلُ مَعْقُودٌ في نواصِيَها إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" الأجر والمغنم (٣)،


(١) متفق عليه.
(٢) قال في الخادم: قضية كلام الأكثرين أنه لا يستحق ما يستحقه الراجل وبه صرح الفوراني والإمام، ولم يحك العلامة نجم الدين بن الرفعة ما قاله الرافعي إلا عن الجيلي خاصة.
قال -أعني صاحب الخادم-: لكن صرح به في التهذيب فتابعه الرافعي.
(٣) من حديث عروة بن الجعد البارقي، وابن عمر، وأنس، وفي الباب عن أبي هريرة في الترمذي والنسائي، وعتبة بن عبد عند أبي داود، وجرير عند مسلم، وأبي داود وجابر وأسماء بنت يزيد عند أحمد، وحذيفة عند أحمد، والبزار، وله طرق أخرى جمعها الدمياطي في كتاب الخيل، وقد لخصته وزدت عليه في جزء لطيف قاله الحافظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>