للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الكتابة هو المشهور قال صاحب الخادم يشهد للنقاش ما رواه البخاري في عمرة القضاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صالح سهيل بن عمرو فكتب علي بن أبي طالب الصحيفة هذا ما قضى عليه محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال سهيل كتب محمد بن عبد الله فقال -صلى الله عليه وسلم- لعلي رضي الله عنه امحه فقال علي لا أمحوك أبداً فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- الكتاب فكتب هذا ما قاضي محمد بن عبد الله وفي هذه الكتابة وجوه:
أحدها: أنه -صلى الله عليه وسلم- كتب وهو لا يعلم ما يكتب فانتظم مراده.
ثانيها: أنه -صلى الله عليه وسلم- أوحى إليه فكتب عن علم بالكتابة.
ثالثها: أنه -صلى الله عليه وسلم- لكثرة كتابة اسمه بين يديه فعلم ذلك وهذا أضعف الأوجه.
رابعها: أنه أمر من كتب ونسب الفعل إليه تجوزاً ولم يبين المصنف هل المراد بالشعر إنشاده أو روايته أو أعم من ذلك قال في الخادم وجعل الماوردي والروياني قول الشعر وتعلمه وروايته سواء في التحريم واكتفى بالكتابة القراءة من الكتاب وقال أيضاً أعني صاحب الخادم ما أطلق في الشعر محله في غير الزجر أما الزجر فقال البيهقي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول وهو مبني على قول الأخفش وغيره من الأدباء أنه ليس بشعر ولو كان شعراً لم يقله النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}.
قال الحافظ: قوله: ومما عد من المحرمات الخط والشعر، وإنما يتجه القول بتحريمها ممن يقول: إنه كان يحسنهما ثم استدل لذلك بقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} وبقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} وفي الاستدلال بالآية الأولى على ذلك نظر، واستدل غيره بحديث ابن عمر المخرج في الصحيح بلفظ: إنا أمة أميه لا نكلتب ولا نحسب -الحديث- وقال البغوي في التهذيب: قيل كان بحسن الخط ولا يكتب، ويحسن الشعر ولا يقوله، والأصح أنه كان لا يحسنهما، ولكن وكان يميز بين جيد الشعر ورديه، انتهى وادعى بعضهم أنه صار يعلم الكتابة بعد أن كان لا يعلمها، وأن عدم معرفته كان بسبب المعجزة لقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} فلما نزل القرآن واشتهر الإِسلام وكثر المسلمون، وظهرت المعجزة وأمن الارتياب في ذلك، عرف حينئذٍ الكتابة، وقد روي ابن أبي شيبة وغيره من طريق مجالد عن عون بن عبد الله عن أبيه قال: ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى كتب وقرأ، قال مجالد: فذكرت ذلك للشعبي فقال: صدق، قد سمعت أقواماً يذكرون ذلك، انتهى قال: وليس في الآية ما ينافي ذلك، وروى ابن ماجة وغيره عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: رأيت ليلة أسرى بي على باب الجنة مكتوباً: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، قال: والقدرة على قراءة المكتوب فرع معرفة الكناية، وأجيب باحتمال إقدار الله له على ذلك بغير تقدمة معرفة الكتابة، وهو أبلغ في المعجزة، وباحتمال أن يكون حذف منه شيء، والتقدير فسألت عن المكتوب فقيل لي هو كذا، ومن حديث محمد بن المهاجر عن يونس بن ميسرة عن أبي كبشة السلولي عن سهل ابن الحنظلية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أمر معاوية أن يكتب للأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، قال عيينة: أتراني أذهب إلى قومي بصحيفة كصحيفة الملتمس، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحيفة فنظر فيها فقال: قد كتب لك بما أمر فيها. قال يونس ابن ميسرة أحد رواته فيرى، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتب بعد ما أنزل عليه، ومن الحجة في ذلك ظاهراً ما أخرجه البخاري في قصة صلح الحديبية من حديث البراء: فأخذ الكتاب فكتب: هذا ما قاضى=

<<  <  ج: ص:  >  >>