للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الأمان (١)، وخطئوه فيه. وقالوا: من يحرم عليه خائنة الأعْيُنِ كيف يجوز له قَتْلُ من أَمَّنَهُ؟!.

وأنه كان يجوز له لَعْنُ من شاء من غير سَبَبٍ يقتضيه؛ لأن لعنته رحمة، واستبعده الأئمةُ أيضاً.

نعم روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عنِ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ- قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدَاً لَنْ تُخْلِفَنِيهِ، فَإِنَّمَا أنَا لَبَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُةُ أَوْ شَتَمْتُهُ أَوْ لَعَنْتُهُ، فاجْعَلِهَا لَهُ صَلاَة، وَزِكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (٢).

فمن شتمه، أو لعنه جعل ذلك قربة له بدعائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذا قَرِيبٌ من جعل الْحُدُودَ كفارات لأهلها (٣)، واللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: والزِّيَّادَةُ عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَفِي الزِّيَّادَةِ عَلَى التِّسْعِ خِلاَفٌ، وَكَذَا فِي في انْحِصَارِ طَلاَقِهِ فِي الثَّلاَثِ، وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ بِلَفْظِ الهِبَةِ وَبِغَيْرِ مَهْرٍ، وَإِذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى امْرَأَةٍ فَرَغِبَ فِيهَا وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ طَلاَقُهَا لِيَنْكِحَهَا، وَفِي انْعِقَادِ نِكَاحِهِ بَغَيْرِ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَفِي الإِحْرَامِ خِلاَفٌ (و)، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ القَسْمُ فِي زَوْجَاتِهِ.

قال الرَّافِعِيُّ: القسم الثاني من التخفيفات مما يتعلق بالنكاح:

فمنه: الزيادة على أَرْبَعِ نِسْوَهٍ:


= والطبراني من حديث أم سلمة مرفوعاً: إن هذا المسجد لا يحل لجنب ولا حائض، وأخرجه البيهقي بلفظ: إن مسجدي حرام على كل حائض من النساء، وجنب من الرجال إلا على محمد وأهل بيته.
(١) قال الحافظ: لم أرَ لذلك دليلاً.
(٢) هو حديث صحيح أخرجه مسلم هكذا من طريق الأعرج عنه، وفي الصحيحين البخاري [٦٣٦١] مسلم [٢٦٠١] من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بلفظ: اللهم فأيما مؤمن سببته، فاجعل ذلك له قربة يوم القيامة، وفي الباب عن جابر أخرجه مسلم بلفظ: إنما أنا بشر وإني اشترطت على ربي أي عبد من المسلمين سببته أو شتمته أن يكون ذلك له زكاة وأجراً، وفي رواية: ورحمة، بدل: وأجراً، وعن عائشة وأنس أخرجه مسلم أيضاً، وعن أبي سعيد عند أحمد بن حنبل.
(٣) قال الحافظ: فيه حديث عبادة: فمن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفارة له، مخرج في الصحيحين، وعند أبي داود من حديث أبي هريرة مرفوعاً: لا أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا، وأجيب عنه بأنه علم ذلك بعد أن كان لا يعلمه، فإما أن يكون أبو هريرة أرسله، وإما أن يكون حديث عبادة متأخراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>