للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل يلقى أخاه أو صديقه -أينحني له؟ قَالَ: "لاَ" -قيل: أفيلتزمه ويقبله؟ .. قَالَ: "لاَ". قيل أفياخذه بيده ويصافحه؟ -قال: "نَعَمْ" (١). وَمُصَافَحَةُ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ في معناها.

قال في "التهذيب": ويكره المعانقة، والتقبيل إلاَّ تقبيل الولد للشفقة، ورأيت لأبي عبد الله الزُّبَيْريِّ في مختصر له في ستر العورات أنه لا بأس بأن يقبل الرجل رَأْسَ الرجل، أو ما بين عينيه عند قدومه من غيبته، أو تباعد لقائه (٢) هذا تمام الكلام فيما إذا لم تمس حاجة إلى المس والنظر.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَهُمَا مُبَاحَانِ لِحَاجَةِ المْعَالَجَةِ، وَلَكِنَّ النَّظَرَ إلَى السَّوْءَة لِحَاجَةٍ مُؤَكَدَةٍ، وَيُبَاحُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ المَرْأَةِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وإلَى الفَرْجِ لِتحَمُّلِ (و) شَهَادَةِ الزِّنَا.

قال الرَّافِعِيُّ: الحالة الثانية إذا مَسَّتِ الْحَاجَةُ إلى الْمَسِّ والنظر -ويفرض من وُجُوهٍ: منها: أن يريد نكاح امرأة، فينظر على ما سبق.

ومنها: أن يريد شراء جارية -وقد مر في "البيع".

ومنها: إذا عامل امرأة ببيع وغيره أو تحمَّل شهادة عليها جاز له النظر إلى وجهها؛ ليعرفها (٣) عند الحاجة، ولا ينظر إلى غير الوجه، وإذانظر إليها، وتحمل الشهادة كلفت


(١) رواه الترمذي [٢٧٢٩] وابن ماجة [٣٧٠٢] والبيهقي [٧/ ١٠٠] من حديث أنس، وحسنه الترمذي، واستنكره أحمد لأنه من رواية السدوسي وقد اختلط، وتركه يحيى القطّان.
(فائدة): سيأتي في السير حديث لأبي ذر يعارض هذا الحديث في مسألة المعانقة.
(٢) قال النووي: المختار أن تقبيل يد غيره إن كان لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه وصيانته، ونحو ذلك من الأمور الدينية، فهو مستحب. وإن كان لغناه ودنياه وشوكته ووجاهته عند أهل الدنيا ونحو ذلك، فمكروه. وقال المتولي في "باب صلاة الجمعة": لا يجوز. وتقبيل الصغار شفقة سُنَّة، سواء ولده وولد غيره إذا لم يكن بشهوة. والسنّة معانقة القادم من سفر وتقبيله. ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح، ويكره حني الظهر في كل حال لكل أحد، ولا بأس المقام لأهل الفضل، بل هو مستحب للاحترام، لا للرياء والإِعظام، وقد ثبتت أحاديث صحيحة بكل ما ذكرته، وقد أوضحتها مبسوطة في "كتاب السلام" من "كتاب الأذكار"، وهو مما لا يستغني متديِّن عن مثله، وفي "كتاب الترخيص في القيام". والله أعلم.
(٣) قال في المهمات اقتصاره يعني الرافعي على الوجه وتبعه في الروضة وهو غير مستقيم فقد تقدم أنه يجوز النظر إلى الكفين عند الأكثرين لا لحاجة فكيف ينفيه مع الحاجة. قال الخادم هذا عجيب لأن الرافعي صحح في المحرر والنووي في كتبه التحريم مطلقًا وكلاهما مستقيم إلى آخر ما ذكره.
ولو قال المنهاج لكان أحسن فإنه صحح الحرمة وإنما لم يفصح في الشرح بترجيح لأنه مخالف لما نقله عن الأكثرين، وبالجملة فالاعتراض غير مسلم؛ لأن التفريع على المنع والاقتصار على الوجه صحيح وكيف ينظر زيادة على ذلك مع عدم الحاجة إليه؛ لأن المقصود المعرفة وهي بالوجه حاصلة، وهذا ظاهر جلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>