وأما حديث عمران بن حصين، فقد قيل لهم فيه: أن في إسناده عبد الله بن محرز، وهو متروك، ويجاب عن هذه المناقشة، بأن هذا الحديث رواه الشَّافعي -رضي الله عنه- من وجه آخر عن الحسن مرسلاً، وقال: هذا وإن كان منقطعاً، فإن أكثر أهل العلم يقولون به. وأما حديث عائشة فقد نوقش بأن الدَّارْقُطْنِيَّ أعله بأن الثوري، ويحيى بن سعيد، وغيرهما رووه، ولم يذكروا فيه الشاهدين. ويجاب عن هذه المناقشة. بأن البيهقي نقل عن أبي علي الحافظ النيسابوري أنه قال أبو يوسف الرقي: هذا من حُفَّاظِ أهل الجزيرة ومتقنبهم، ثم ساق الحديث من طرق أُخْرَى. هذه خلاصة ما نوقشت به الأحاديث التي تمسك بها الجمهور والناظر في الأدلة يرى ترجيح مذهب الجمهور للأحاديث. وهي وأن تكلم فيها ألا أنها بانضمامها يقوي بعضها بعضاً فيصح الاحتجاج بها. لا سيما أن النكاح شرع لمقاصد جليلة يعلق بها وجود النوع الإنساني على الوجه الأكمل. فلذلك وجب أن يمتاز عن سائر العقود باشتراط الشهادة فيه. وأيضاً في الأشهاد على النكاح تمييز له عن السفاح فإن الزنا لا يكون عادة إلا سراً. اختلف الجمهور بعد اتفاقهم على أن الشهادة لا بد منها في النكاح. هل هي شرط في صحة أو في تمامه. فذهب المالكية إلى القول بأن الشهادة شرط في تمام النكاح وليست شرطاً في صحته فينعقد النكاح عندهم صحيحاً بدون شهادة ولكنه لا يتم إلا بالشهادة. وقالوا تندب الشهادة عند العقد للخروج من الخلاف. إلى هذا القول ذهب عبد الله بن عمر وعروة بن الزبير وعبد الله بن الزبير. والحسن بن علي. ومن المحدثين عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون. وذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى القول بأن الشهادة شرط في صحة النكاح وأن العقد لو خلا عنها يكون فاسداً وقد حكاه في البحر عن علي وعمر وابن عباس. (١) يرى بعض الفقهاء ممن يشترطون في صحة النكاح الأشهاد أن النكاح يصح إذا شهد على العقد شهود غير عدول إلى هذا ذهب الحنفية فقد قالوا يصح النكاح بشهادة الفاسقين وهو رواية عن أحمد. =