للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: الدَّنِيَّةُ تُزَوِّجُ نَفْسَهَا والشَّرِيْفَةُ لاَ تُزوج.

لنا ما روي عن أبي موسى الأَشْعَري وابن عَبَّاس رَضِيَ الله عنهما -أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: "لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ" (١).

وعن عَائِشَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ: "أيَّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَت نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَليِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنِ اشْتَجَرُوْا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ من لاَ وَلِيَّ لَهُ" (٢).

ولو وَكَّلَ ابنته بأن توكل رجلاً بتزويجها، فَوَكَّلَت؛ نَظَرَ إنْ قَالَ وَكِّلِي عَنْ نَفْسِكِ


= يتبين لنا بما سقناه من الأدلة وما أوردنا عليها من المناقشات ودفعها أن مذهب الجمهور هو المذهب الراجح الذي يجب المصير إليه.
(١) أحمد [٤/ ٣٩٤ - ٤١٣] وأبو داود [٢١٨٥] والترمذي [١١٠١] وابن ماجة، [١٨٨١] وابن حبان [١٢٤٣ - ١٢٤٤] والحاكم [٢/ ١٦٩]، وأطال في تخريج طرقه، وقد اختلف في وصله وإرساله، قال الحاكم: وقد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-: عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش، قال: وفي الباب عن علي وابن عباس، ثم سرد تمام ثلاثين صحابياً، وقد جمع طرقه الدمياطي من المتأخرين.
(٢) أخرجه الشَّافعي وأحمد وأبو داود [٢٠٨٣] والترمذي [١١٠٢] وابن ماجة [١٨٧٩] وأبو عوانة، وابن حبان [١٢٤٨] والحاكم [٢/ ١٦٨] من طريق ابن جريج، عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عنها، وأعل بالإِرسال، قال الترمذي: حديث حسن، وقد تكلم فيه بعضهم من جهة أن ابن جريج قال: ثم لقيت الزهري فسألته عنه فأنكره، قال: فضعف الحديث من أجل هذا، لكن ذكر عن يحيى بن معين أنه قال: لم يذكر هذا عن ابن جريج غير ابن علية، وضعف يحيى رواية ابن علية عن ابن جريج، انتهى. وحكاية ابن جريج هذه وصلها الطحاوي عن ابن أبي عمران عن يحيى بن معين عن ابن علية عن ابن جريج، ورواه الحاكم من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج سمعت سليمان سمعت الزهري، وعد أبو القاسم بن مندة: عدة من رواه عن ابن جريج فبلغوا عشرين رجلاً، وذكر أن معمراً وعبيد الله بن زحر تابعا ابن جريج على روايته إياه عن سليمان بن موسى: وأن قرة وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأيوب بن موسى وهشام بن سعد وجماعة، تابعوا سليمان بن موسى عن الزهري قال: ورواه أبو مالك الجنبي ونوح بن دراج ومندل وجعفر ابن برقان وجماعة، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، ورواه الحاكم من طريق أحمد عن ابن علية عن ابن جريج، وقال في آخره: قال ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه، وسألته عن سليمان بن مرسى فأثنى عليه. قال: وقال ابن معين: سماع ابن علية من ابن جريج ليس بذاك قال: وليس أحد يقول فيه هذه الزيادة غير ابن علية، وأعل ابن حبان وابن عدي وابن عبد البر والحاكم وغيرهم الحكاية عن ابن جريج، وأجابوا عنها على تقدير الصحة بأنه لا يلزم من نسيان الزهري له أن يكون سليمان بن موسى وهم فيه، وقد تكلم عليه أيضاً الدارقطني في جزء من حدث ونسي، والخطيب بعده، وأطال في الكلام عليه البيهقي في السنن وفي الخلافيات، وابن الجوزي في التحقيق، وأطال الماوردي في الحاوي في ذكر ما دل عليه هذا الحديث من الأحكام نصاً واستنباطاً فأفاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>