للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: المنع؛ لأن الْفِسْقَ نقص يقدح في الشهادة، فيمنع الولاية كالرِّقِّ.

وقد روي عن ابنِ عَبَّاسِ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- أَنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَي عَدْلٍ" (١).

وبهذا قَالَ أَحْمَدُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.

والطريق الثاني: القطع بالمنع وهو قضية إيراد أبي عَلِيٍّ بن أَبِي هُرَيْرَةَ والطَّبَرِي وابن الْقَطَّان.

والثالث: القطع بأنه يلي -وهو اختيار القاضي أبي حَامِدٍ، وبه قال القَفَّالُ، والشَّيْخُ أبو مُحَمَّدٍ.

والرابع: أن الأب والجد يليان مع الفسق، ولا يلي غيرهما والفرق كمال شفقهما وقوة ولايتهما.

والخامس: قال أبو إِسْحَاقَ -رحمه الله- الأب والجد لا يليان مع الفسق وغيرهما يلي، والْفَرْقُ أنهما مُجْبَرَانِ فربما وضعاها تحت فاسق مثلهما. وغيرهما يزوج بالإِذن، فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ لَهَا نَظَرَتْ هِيَ لنَفْسِهَا قال الإِمام: -رَحِمَهُ اللهُ-: وقياس هذه الطَّرِيقَةِ أن يزوج الفاسق ابنته الْبِكْرَ برضاها، وَإِنْ لَمْ يجبرها.

والسَّادِسُ: إن كان فسقه يشرب الخمر لم يَلِ لاضطراب نظره، وغلبة السُّكْرُ عليه، وَإِنْ كَانَ بسبب آخر فَيَلِي.

وذكر الحَنَّاطِيُّ وجهين في أن من يستسر بفسقه هل يلي تفريعًا عَلَى أَنَّ الفَاسِقَ المعلن لا يلي، فيخرج من هذا طريق سابع فارق بين المعلن وغيره وأصحاب الطرق الأربع الأخيرة يحملون اختلاف [الألفاظ] (٢) على اختلاف الحالين، ثُمَّ في الْمَسْأَلَةِ فُرُوْعٌ:

الأَوَّلُ: عَنِ الشَّيْخِ عن أبي عَلِيٍّ والقاضي حُسَيْن. وغيرهما إجراء الخلاف في ولاية المال بلا فَرْقٍ، ومنهم مَنْ [يدل كلامه] (٣) على القطع بالمنع؛ لأنهم احتجوا لقول


= ولأن الفاسق من أهل الولاية على نفسه فيكون من أهل الولاية على غيره ولأن ولاية الملك ثابتة له حتى يزوج أمته، ولأن الولاية حق يثبت بالتعصيب فلم يمنع منه الفسق كما لا يمنع من الميراث.
(١) أخرجه الشافعي [١٥٤٢] والبيهقي [٧/ ١٢٤] من طريق ابن خيثم عن سعيد بن جبير عنه موقوفًا، وقال البيهقي بعد أن رواه من طريق أخرى عن ابن خيثم بسنده مرفوعًا بلفظ: لا نكاح إلا بإذن ولي مرشد، أو سلطان، قال: والمحفوظ الموقوف، ثم رواه من طريق الثوري عن ابن خيثم به، ومن طريق عدي بن الفضل عن ابن خيثم بسنده مرفوعًا بلفظ: لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل، فإن أنكحها ولي مسخوط عليه، فنكاحها باطل، وعدي ضعيف.
(٢) في ز: الأصحاب ألفاظ.
(٣) في ز: ترك كلامهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>