للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغُرُوبِهَا" (١)، ومنهم من لا يفصل ويجعل في التحية وجهين على الإطلاق، وينسب القول بالكراهية إلى عبد الله الزبيري -رضي الله عنه- وليكن قوله: وتحية المسجد" معلماً بالواو، لما حكيناه. ومنها: ركعتا الطواف فلا يكرهان في هذه الأوقات؛ لأنهما يؤديان بعد الطواف، فسببهما موجود في هذه الأوقات. ومنها صلاة الاستسقاء وفيها وجهان: عبر عنهما المصنف بالتردد.

أحدهما: إنما يكره؛ لأن الغرض منها الدعاء والسؤال وهو لا يفوت بالتأخير، فأشبهت صلاة الاستخارة، وهذا هو الذي ذكره صاحب "التهذيب" وآخرون.

وأظهرهما: لا تكره؛ لأن الحاجة الداعية إليها موجودة في الوقت، ومن قال بهذا قد يمنع الكراهة في صلاة الاستخارة أيضاً، ومن هذه الصلوات صلاة الخسوف فإنها لو أخرت عن هذه الأوقات فربما انجلت الشمس، وفاتت الصلاة.

ومنها: إذا تطهر في هذه الأوقات جاز له أن يصلي ركعتين، لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: "حَدَّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ، فَإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِي إلا أَنِّي لَمْ أَتَطَّهَّرَ طُهُورًا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إلاَّ صَلَّيْتُ بِذلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِيَ أَنْ أُصَلِّي" (٢). وهل يلحق ركعتا الإحرام بهذه الصلوات؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، لحاجته إلى الإحرام في هذه الأوقات بالحج أو العمرة.

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب: لا؛ لأن سببهما الإحرام وهو متأخر عنهما، وقد يتفق بعدهما، وقد يعوق دونه عائق؛ ولك أن تعلم قوله: "وذلك في كل صلاة لا سبب لها"، بالحاء؛ لأنه يقتضي حصر النهي في الصلاة التي لا سبب لها في الأوقات الخمسة جميعاً.

وعند أبي حنيفة: الوقتان اللذان يتعلق النهي فيهما بالفعل يكره فيهما التطوع ولا يكره فيهما الفرض، ولا بأس بأن يصلي فيهما على الجنازة، ويقضي فوائت الفرائض، ويسجد للتلاوة والسهو، ولكن لا يصلي المنذورة ولا ركعتي الطواف والتطوعات.

وأما في الأوقات الثلاثة فلا تجوز صلاة ما إلاَّ عصر اليوم عند غروب الشمس، فلو دخل في تطوع قال: يقطعه ويقضيه في الوقت المأمور به، فلو مضى فيه أساء وأجزأه، وإن صلى فيها فرضاً أو واجباً أعاد إلا عصر يومه، وصلاة الجنازة، وسجدة


(١) أخرجه البخاري (٥٨٥) ومسلم (٨٢٨).
(٢) أخرجه البخاري (١١٤٩) ومسلم (٢٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>