للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التلاوة، ولك أن تعلمه بالميم والألف أيضاً؛ لأنه روي عن مالك: أنه يقضي الفرائض في الأوقات الخمسة، ولا يصلي فيها النافلة، سواء كان لها سبب أو لم يكن، وبه قال أحمد، واستثنى على مذهبه ركعتا الطواف وصلاة الجماعة مع إمام الحي، وأبو حنيفة يكره إعادتها في الجماعة.

لنا ما تقدم، وأيضاً ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "دَخَلَ بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُمَا فَقَالَ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ" (١).

وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- "رَأَى قَيْسَ بنَ فَهْدٍ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ فَقَالَ: مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ رَكْعَتَي الْفَجْرِ فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ" (٢) ويتبين مما نقلناه أنه لو علم الفائتة وما بعدها بالحاء لجاز.

قال الغزالي: وَقَدْ وَرَدَ الخَبَرُ بِاسْتِثْنَاءِ يَوْمِ الجُمُعَةِ عَن الكَرَاهِيَةِ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ ذلِكَ بِمَنْ يَغْشَاهُ النُّعَاسُ عِنْدَ حُضُورِ الجُمُعَةِ، وَوَرَدَ أَيْضًا بِاسْتِثْنَاءِ مَكَّةَ فَلاَ يُكْرَهُ فِيهَا صَلاَةٌ وَلاَ طَوَافٌ فِي وَقْتٍ مِنَ الأَوْقَاتِ. فَرْعٌ: لَوْ تَحْرَّمَ بِالصَّلاَةِ فِي وَقْتِ الكَرَاهِيَةِ انْعَقَدَتْ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ كَالصَّلاَةِ فِي الحَمَّامِ.

قال الرافعي: الصلاة المنهى عنها في الأوقات الخمسة على التفصيل الذي وضح، لا ينهى عنها على الإطلاق عندنا بل يستثنى عنها زمان ومكان.

أما الزمان فهو يوم الجمعة، فيسثنى وقت الاستواء يوم الجمعة، ولا تكره فيها التطوعات خلافاً لأبي حنيفة ومالك وأحمد.

لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "نَهَى عَنْ صَلاَةٍ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إِلاَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ" وهل يستثنى باقي الأوقات الخمسة يوم الجمعة فيه وجهان:

أحدهما: نعم كوقت الاستواء، تخصيصاً للجمعة وتفضيلاً وقد روي: "إِنَّ جَهَنَّمَ لاَ تُسَجَّرُ (٣) يَوْمَ الْجُمُعَةِ".


(١) أخرجه البخاري (١٢٣٣) ومسلم (٨٣٤).
(٢) أخرجه الشافعي (٤٧) وأبو داود (١٢٦٧) والترمذي (٤٢٠) وابن ماجة (١١٥٤)، والبيهقي (٢/ ٤٨٣) وابن حبان، كذا في الموارد (٦٢٤) والحاكم (١/ ٢٧٤) والبيهقي (٢/ ٤٨٣). وأعله الترمذي، وعبد الحق بلا انقطاع، رواه الحاكم وابن حبان بطريق ليس فيها انقطاع، وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين، انظر التلخيص (١/ ١٨٨).
(٣) في ط: تسعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>