بأن نكاح الكتابية المقيمة بدار الحرب مفض إلى أمور -منها- تكثير سواء الكفار وفتح الطريق لإِجراء أحكامهم على المسلمين إذ لا يبعد أن يهيم المسلم بزوجته الكتابية الحربية فيستدعيه ذلك إلى المقام معها والبقاء بجانبها. وفي ذلك ما تقدم آنفاً. وسببٌ في براءة الرسول عليه السلام منه أن يقول: "أنَا بَرِيْءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ لاَ تُرَاءَى نَارَاهُمَا" ومعناه أنه عليه السلام متبرئ من المسلم المستكين بدار الحرب الذي لا يدافع عن الإِسلام وَيرْضَى بالخضوع لسلطان المشركين -وكان مقتضى هذا الحديث تحريم الكتابية الحربية لكن العمومات التي وردت بالحل أفادت حرف الحديث إلى الكراهة. ومن الأمور التي تترتب على التزوج بالكتابية الحربية احتمال تعريض ولد المسلم للرق وتنشئته على عادات الكفار وتخلقه بأخلاقهم، وتعليمه طقوس دينهم وعباداتهم بسبب اختلاطه الشديد بهم مع تعذر تحوله بعد ذلك. وبيان هذا -أنه قد يَفْرِض للزوج المسلم أن يترك زوجته الكتابية بدار الحرب ويهاجر إلى دار الإِسلام المهمة. وقد يحدث في تلك الآونة أن يتغلب المسلمون على الكفار وتقع الزوجة أسيرة في يد المسلمين وهي حامل. وقد لا يصدقها المسلمون أن حملها من مسلم. فمن هنا يولد الولد رقيقاً مملوكاً لمن وقعت أمه في يده. حتى لو لم تقع المرأة في النبي وترك المسلم زوجة بدار الحرب ترتب ما قدمنا. وفيه تفكيك الوحدة الإِسلام وتمزيق الجماعة المسلمين. هذه وجهة الفريقين. بالنظر فيها نرى أن الراجح مذهب الجمهور القائل بالحل مع الكراهة- وعندي- أن يتقيد هذا الحل برأي إمام المسلمين بمعنى أنه ينظر في سلوك الزوج فإن خيف منه إفشاء أسرار الدولة وتعريضها للخطر لم يُمضِ هذا النكاحَ ومنَعه من مباشرته. وفي تلك الحالة يكون التزوج بالحربية هان كانت كتابية محرمًا. أما إذا أَمِنَ الإِمام جانبه وعَرِفَ منه المحافظة على بلاء الإِسلام والمسلمين فلا يحرم عليه التزوج.