للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعُنَّة (١)، وإنما يُؤَثِّر الجَبُّ إذا لَمْ يَبْقَ ما يَمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ علَى ما سنبينه في فصل العُنَّة إنْ شَاءَ الله تَعَالَى.

ومنها: ما يختصُّ بالمرأة وهو الرتَّقْ والْقَرَن (٢)، والرَّتق إرْتَاقُ مَحَلِّ الْجِمَاعِ بِاللَّحْم، ويخرج بَولُ مِثْلِ هَذهِ من ثقبة ضيقة كَإحْلِيلِ الرَّجُلِ، والقَرَن عَظْمٌ في الْفَرْجِ يَمْنَعُ الْجِمَاعَ، وَيُقَالُ: هو لَحْمٌ ينبت فيه، والدَّائِرُ على أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ في لَفْظ القَرَنِ، بتحريك الراء، وهو في كُتُب اللُّغَةِ بالتَّسْكين (٣)، وليس للزوج إجبار الرَّتْقَاءِ على شَقِّ المَوْضِع، ولو فعلت هي، وَأَمَكَنَ الَوطء، فلا خيار، هكذا أطلقوه، ويمكن أن يجيء فيه الخلافُ المذكُورِ، فيما إذا اطَّلعَ على عَيْب المَبِيِعِ (٤)، بَعْدَ زواله فجملة هذه العيوب سَبْعَةٌ، والممكنُ فرْضُه في كلِّ واحدٍ من الزوجين خَمْسَةٌ.

قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ لا يفسخ النِّكَاحُ بشيء من هذه العيوب، إلاَّ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذا وَجَدَت زَوْجَهَا مجْبُوباً أو عِنِّيناً تَرْفَعُ الأمْرَ إلى الْحَاكِمِ، حَتَّى، يُفَرَّقَ بَينَهُمَا بطلقةٍ، وساعدنا على قولنا مَالِكٌ وَأَحْمَدُ -رَضِي اللهُ عَنْهُمَا-.

دليلُنا ما رُويَ عَنِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ تزوَّج بامرأةٍ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ


(١) قال الأذرعي: قال في الخصال: وليس للرتقاء ولا من لا يصلح جماعها دعوى العنة وكان مراده بهذه من لا يطيقه لضيق مفرط ونحوه وقد يريد به المتحيرة، ولو نكح أمة بشرطه فليس لها دعوى العنة لتضمن دعواها بطلان النكاح.
(٢) قال في المهمات: يرد على الحصر أنه سيأتي في الديات فيما إذا لم تحتمل المرأة الوطء بالإِفضاء عن الغزالي أنه إن كان سببه ضيق المنفذ بحيث يخالف العادة فله الخيار وأن المشهور من كلام الأصحاب أنه لا فسخ ثم قال ويشبه أن يفصل بين أن تحتمل وطء نحيف مثلها فلا فسخ وبين أن ينتهي ضيق المسلك إلى أن يحصل به الإفضاء من كل واطئ فهو كالرتق وينزل كلام الأصحاب على الأول وكلام الغزالي على الثاني وهذا التفصيل الذي ذكره في المرأة يجري في الرجل أيضاً.
(٣) قال النووي: يجوز الفتح والإسكان، فالفتح على المصدر وهو هنا أحسن لأنه أنسب لكون قرائنه مصادر وهي الرتق والبرص ونحوهما، وقد أوضحت هذه اللفظة أكمل إيضاح في "تهذيب الأسماء واللغات" ونقلت أقوال أهل اللغة فيها وحاصله، جواز الأمرين وترجيح الفتح. والله أعلم.
(٤) قال في المهمات: صرح بهذا البحث الماوردي في الحاوي وحكاه عنه في البحر إلا أن محله إذا زال بعد علمه فإن زال قبل علمه فلا خيار جزماً.
قال الأذرعي في القوت بعد نقله عن الماوردي ما تقدم وعبارة أبي الطيب في المجرد في شق الرتق وإن فعل ذلك باختيارها واندمل قبل الفسخ لم يكن له الخيار وظاهرها تمكينه من الفسخ قبل الاندمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>