للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمرين من الصدَاق وقيمة الأمة، كما لو مَاتَ، وعليه دَيْنٌ، وله عبدٌ، فأعتقه وارثُه الموسر، يلزمه أقلُّ الأمرين من الدَّيْن وقيمة العبد، ولو كان على الميِّت دَيْن، فالقيمةُ التي يُغَرَّمُها الوارثُ يتضارب فيها سيِّدُ العبد والغرماء.

وقوله في الكتاب: "إذا زوج المريض أمته عبداً" فيه تقييد بما إذا وَقَعَ التزويج في المرض، وذلك لَيْسَ بشَرْط في صورة المسألة، وكذلك لا يُشْتَرَط وقوع الاتفاق في المرض، وإنما المعتبر وقوع الإِعْتَاق في المرض، ولا بدّ أن تكون الأمة ثُلُث الْمَالِ أو أقلَّ، وأن يكونَ ذلك قبل الدُّخُول، ولم يتعرَّض لذلك في اللفظ.

وَقَولُهُ: "فيبطل العتق" أي: عَتَقَ جميعها.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّالِثَةُ): لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ أَخاً وَعَبْدَيْنِ فَأعْتَقَهُمَا فَشَهَدَا بِأنَّ لِلمَيِّتِ ابْناً مِنْ زَوْجَتِهِ فَإنَّهُ يُثْبِتْ الزَّوْجيَّةَ وَالنَّسَبَ دُونَ المِيرَاثِ؛ لأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ الابْنُ أَبْطَلَ العِتْقَ وَالشَّهَادَةَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مَاتَ عَنْ أخٍ وعَبْدَيْنِ، والأخُ هو الوارثُ في الظاهر، فأعتق الأخُ العبْدَيْن، ثم ادَّعتِ المَرْأةُ أنَّها زوجةُ المَيِّت، وابنها أنه ابنُ الميت، فشهِدَ المُعْتَقَان لهما ثبتت الزوجية والنَّسَب، ولا يَرِثُ الابن؛ لأنه لو وَرِثَ، لحَجَب الأخ، وإذا صار محجوباً، بَطَلَ إِعتاقه، وإِذَا بَطَلَ الإعتاق، بطَلت الشهادة، وإذا بَطَلَتِ الشهادة بَطَلَتِ الزوجيةُ والنسبُ، وفيه وجه: أنه لَا يثبت النسب أيضاً؛ لأنه لو ثَبَتَ، لثبت الإِرث، ولا يمكن ثبوتهُ، والمذهب الأول، ولو شهدا بنسب، نُظِر؛ إن كان الأخُ مُعْسِراً يوم الإِعْتَاق، لم تَرِثْ أيضاً؛ إذ لو ورثت لرقِّ نصيبها، ولبطَلَت الشهادة؛ لأن مَنْ بعضُه رقيقٌ، لا تقبل شهادته، وإن كان موسراً، فإن عجَّلنا السراية بنفس الإِعتاق، وَرِثتْ، لكمالِ العتْق يوم الشهادة، وإن قُلْنَا؛ إنها لا تحْصُل إلاَّ بأداء القيمة، لم ترث؛ لأنَّ توريثها يمنع كمال العتْق يوم الشهادة، وحكم الزوجية في الإرْث حكْمُ البنت، فيُنْظَر إلى إعتاقِ إعسارِ الأخ ويسارِهِ، كما بيَّنَّا.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرَّابِعَة) لَوْ أَوْصَى لَهُ بِابْنِهِ فَمَاتَ وَخَلَّفَ أَخاً فَقَبِلَ الوَصِيَّةَ عَتِقَ الابْنُ وَلَمْ يَرِثْ لأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَحَجَبَ الأَخَ وَبَطَلَ قَبُولُهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: صورة المسألة أن يكون ابن الرجل مملوكاً لغيره، فيوصِي له مالكُهُ بابنه، ويموت الموصَى له بعْد موت الموصِي وقبل القبول، ووارثُه أخُوه، فيقْبَل الوصية، وهذه المسألة مكرَّرةٌ قد ذكرها في آخر الباب الأوَّل من "كتاب الوصايا" وشرحناها هناك، وُيعْرَفُ مما ذكرنا هناك الحاجة إلى إِعلام قوله "عَتَقَ الابْنُ" بالواو.

وقوله: "ولم يرث؛ لأنه لو وَرِثَ، لَحَجَب الأَخَ، وَبَطَلَ قَبُوله" هذا التوجيه مبنيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>