للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قولنا: إنَّ الحُرِّية تحْصُل عند الموت، أما إذا قلْنا: إنَّها تحْصُل عند القَبُول، فليس عدَمُ الإِرْث للدَّوْر، بل لاستمرار الرِّقِّ بعد الموت.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الخَامِسَةُ) لَوِ اشْتَرَى المَرِيضُ أَبَاهَ عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْ كَيْلاَ يَصِيرَ الْعِتْقُ وَصِيَّةً لِوَارِثِ فَيَبْطُلَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لو اشترَى في مرض المَوْتَ مَنْ يُعْتَقُ عليه، ولم يرث؛ وابنه، عتق من الثلث؛ لأنه لو وَرِثَ، لكان العتْقُ والنسبُ إلَيْه بالشراء وصيةً للوارث، فيبطُل، وإذا امتنع العتْقُ، امتنع الإِرْثُ، هذا هو الظاهرُ، وحكى الأستاذ أبو منْصُور وجهاً: أنه يرثُ، ووجهاً آخر أنه لا يصحُّ الشراء مِنْ أصله؛ لأنَّ عِتْقَه وصيةٌ، والوصية موقوفةٌ على الخروج من الثُّلُث أو إجازة الورثة والشراء لا يُوقَف، فيجوزُ أن يعلم بهذا قوله في الكتاب "عتق" بالواو؛ للوجه السابق، وقوله: "ولم يرث" يجوز أن يُعْلَم بالحاء والميم؛ لأن الرواية عن أبي حنيفة ومالك أنَّه يرث، ولو ملَك المريضُ مَنْ يعتق عليه بغَيْر عوض كهبةٍ وإرثٍ، فهل يَرِثُ منه؟ فيه وجهان؛ بناءً علَى أنه يعتق من الثلث أو من رأس المال، وقد ذكَرْنا ذلك في "الوصايَا" وإلى التوْرِيث، ذهَب ابن سُرَيْج، واختاره الشَّيْخ أبو حامد.

وقال أبو الحسن العباديُّ؛ والوجهان مبنيان على أنَّ في الشراء يُعْتبر خُرُوجُ القيمة من الثّلث أو خروج الثمن، ونختم الكلام في هذه الصّور بِفَصْلَيْن:

الفصل الأوَّل: في صور أُخَرَ تنخَرط في هذا السِّلْك، ذكر الأستاذ أبو إسْحَاقَ الإِسفرايينيُّ في "مختصر" جمعه في المسائل الدَّوْريَّة، أنه لو شَهِد شاهدان على عِتْقِ عبد، وحكم الحاكم بشهادتهما، ثم جاءَ العبْدُ مع آخر، فشَهِدا على جُرْح الشاهدَيْن، لم يقبل، ولو أنه أعتق عبدَيْن في مرض موته، وهما ثلث ماله، فشَهِد المعْتَقَان على الميِّت بوصية أو بإعتاق ومات، وعليه دَيْن أو زكاة، لم يقبل، ولو شهدا عليه، أنه نَكَح امرأة علَى صَدَاقِ كذا حُكِي عن بعض الأصحاب؛ أنه لا تُقْبَلُ شهادتُهما، قال: ويحتمل أن تُقْبَل في النكاح، ولا تقبل في المَهْر، وأنه لو أعتق عبدَيْن له، فشهِدَا على أنه كان محجوراً عليه بالسَّفَهِ، لم تقبل شهادتهما، وأنه لو ادَّعَى أنه ابن فلان، وقد مات ووارِثُه في الظاهر أخوه، فأنكر ونكَل، فحَلف المدَّعِي، ثبت النسب، ولا يثبت الإرْثُ، وهذا جوابٌ على أن اليمين المردودة عند نكول المدَّعَى عليه كالإقرار، أَمَّا إذا قُلْنا: إنَّها كالبينة، فيثبت الإرْث أيضاً، وأنَّه لو ورث عبدَيْن يعتقان عليهَ، ثم مات وورثاه ثم أقرَّ بدَيْن على الميت الأول يستغرق تركته، لم يثبت الدّيْن بإقرارهما، وأنه لو أعتق أمةً في مرضِ موته، هي ثلثُ ماله فادعت أنه وطئها بشُبْهَةٍ أو أنه استأجرها، وعليه أجرتها، لم تُسْمَعْ دعواها، وأنَّه لو وَرِث من زوجته عبدَيْن، وأعتقهما، ثم شَهِدا بالفرقة قبل الموت

<<  <  ج: ص:  >  >>