للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدِهِ، ونَظَرِهِ، فيأتي فيه بما يَسْتَصْوِبُهُ، ويراه مَصْلَحَةً لها، ويقرب من هذا وَجْهَانِ (١)، ذكرهما صاحب "التتمة" فيما إذا زَوَّجَهَا الأَبُ، ومات، وأراد الجَدُّ العَفْوَ، ففي وجه لا يَجُوزُ؛ لأن المَالَ لم يَحْصُلْ بِكَسْبِهِ، وفي وجه يجوز؛ لأنه تحت تَصَرُّفِهِ، وفيه نَظَرٌ.

والثالث: أن يكون بَعْدَ الطَّلاَقِ، أما العَفْوُ قبله، فلا يَصِحُّ؛ لأن الزوج قد يَدْخُلُ بها بَعْدَ العَفْوِ، فيفوت مَنْفَعَةَ البُضْعِ عليها بلا عِوَضٍ، وفيما علق عن الإِمام أن الشَّيْخَ أبا محمد جَوَّزَ العَفْوَ قبل الطَّلاَقِ، إذا رأى الوَلِيُّ المَصْلَحَةَ فيه.

والرابع: أن يكون قبل الدُّخُولِ، أما بعده فلا يجوز العَفْوُ لِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ البُضْعِ عليها باسْتِيفَائِهِ.

الخامس: أن يكون الصَّدَاق دَيْناً في ذِمَّةِ الزَّوْجِ، أما إذا أَصْدَقَهَا عَيْناً أو دَيْناً وَقَبَضَتْهُ لم يكن له العَفْوُ، لاحْتِوَاءِ اليَدِ عليه، وكَمَالِ الملك في العَيْنِ.

وعن الشيخ أبي محمد التَّسْوِيَةُ بين العَيْنِ والدَّيْنِ، ولو أراد الوَلِيُّ مُخَالَعَةَ الصغيرة على نِصْفِ الصَّدَاقِ الذي يَسْتَحِقُّهُ، فيبنى ذلك على جَوَازِ العَفْوِ، إن جَوَّزْنَاهُ صحت المُخَالَعَةُ هكذا ذكر صاحب "التهذيب" (٢) وغيره.

وفي "الوسيط": حِكَايَةُ وجهين في صِحَّةِ الخُلْعِ، مع. التَّفْرِيعِ على صِحَّةِ العفو.

وقال: الظاهر المَنْع والأشبه الأَوَّلُ.

وقوله في الكتاب: "له ذلك إِن كان مجبراً" يفيد التَّخْصِيصَ بالأب والجد، وبحالة البَكَارَةِ، فإن الإِجْبَارَ حينئذٍ يَتَحَقَّقُ.

وقوله: "ولم تكن مُسْتَقِلَّةُ" أي: بأمر مَالِهَا، وتخرج عنه البِكْرُ البَالِغَةُ، حتى لا يجوز العَفْوُ عن مَهْرِهَا، على ما ذكرنا أنه أَصَحُّ الجوابين فيها، لكن يدخل فيه المَجْنُونَةُ، وقد تَقَدَّمَ أنه لا يجوز العَفْوُ عن مَهْرِهَا أيضاً، ولم يَتَعَرَّضْ في الشروط لكون الطَّلاَقِ قبل الدخول، ولا بدّ منه.

وأما كَوْنُهُ دَيْناً، فيمكن أن يُسْتَفَادَ من لفظ الكتاب فإنه قال: "وفي القديم له ذلك" وهو رَاجِعٌ إلى المذكور أَوَّلاً، وهو قوله: "العفو عن صَدَاقِ الصغيرة"، ولفظ العَفْوِ يَخْتَصُّ بالدَّيْنِ، على الوجه الذي أَوْرَدَهُ في الكتاب.

قَالَ الغَزَالِيُّ: ثُمَّ إِذَا وَهَبَتْ مِنَ الزَّوْجِ قَبْلَ الطَّلاَقِ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِ القِيمَةِ


(١) أي تفريعاً على القديم وجهان، سكت عن الترجيح.
قال الشيخ البلقيني: الأصح أن له العفو في المتعة.
(٢) في ب: التتمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>