للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هودج أو على سرير ونحوهما إذا كانت الدابة واقفة ولم يذكروا خلافاً فيه، وإن كانت سائرة ففيه وجهان:

أحدهما: الجواز، كما لو صلى في سفينة جارية، ومنهم من قاسة على ما لو صلى على سرير يحمله جماعة كأنهم اتخذوا هذه الصورة متفقاً عليها.

وأصحهما: وهو المحكي عن نصه في "الإملاء" أنه لا يجوز؛ لأن سير الدابة منسوب إليه، ولهذا يجوز الطواف عليها، وسير السفينة بخلافه فإنها بمثابة الدار في البر، وأيضاً فإن البهيمة لها اختيار في السير، ء فلا يكاد تثبت على حالة (١) واحدة، والسفينة كما يسير تسير، إذ لا اختيار لها.

وإذا وقفت على ما حكيته تبين لك أنه يجب أن يكون قوله: (ولا تصح الفريضة على بعير) معلماً بالواو، بل الظاهر الجواز، إذا كانت الدابة واقفة على خلاف ما في الكتاب نقلاً عن المذهب في معنى. أما النقل فقد بيناه. وأما المعنى فلأن المصنف وإمام الحرمين لم يريدا في التوجيه على أن المصلي في الفريضة مأمور بالاستقرار على الأرض، أو غيرها. مما يصلح للقرار، وهذا لا يسلمه أصحاب الطريقة الأخرى، إنما المسلم عندهم أنه مأمور بالاستقرار في نفسه، ثم هو مشكل بالزورق المشدود على الشط، فإنه لا تتعلق به الحاجة المفروضة في السفينة والزورق الجاريين وهو قادر على الخروج إلى الساحل، والاستقرار على الأرض، فلم كان الزورق المشدود كالسرير على الأرض، ولم تكن الدابة المعقولة كعدل أو متاع ساقط على الأرض؟ فإن حاولت رفع الخلاف، وقلت: الفارقون بين أن تكون الدابة واقفة أو سائرة صوروا المسألة فيما إذا كان في هودج، أو سرير على الدابة، وليس في الكتاب تعرض لذلك، فلعل مسألة الكتاب فيما إذا وقف على ظهر الدابة من غير سرير ونحوه، وحينئذ لا يتنافى الكلامان؛ لتغاير الصورتين، نعم. يجب طلب الفرق فالجواب أن هذا فاسد من وجوه ثلاثة:

أحدها: أن الدابة الواقفة إذا لم تصلح للقرار فالمحمول عليها من السرير ونحوه أولى ألا يصلح للقرار، فمحال أن يمنع من الوقوف عليها، ولا يمنع من الوقوف على ما عليها.

والثاني: أن الفارقين بأسرهم ما صوروا المسألة في الهودج، والسرير، بل منهم من تعرض لذلك إيضاحاً؛ لأن إتمام الأركان والأفعال حينئذ يتيسر، ومنهم من فصل بين وقوف الدابة وسيرها من غير تعرض للسرير، هذا الشيخ إبراهيم المروزي ذكره فيما علق عنه إن أمكنه القيام والاستقبال في جميع الفريضة على الدابة نظر، إن كانت واقفة


(١) في ط هيئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>