للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاز، وإن كانت تسير فيه فوجهان، ولم يشترط أن يكون عليها سرير ونحوه.

والثالث: أنا حكينا عن إمام الحرمين أنه ألحق ما إذا احتمل السرير رجال فصلى عليه بما إذا صلى على ظهر الدابة، وذلك يوضح أنه لا فرق بين أن يكون على الدابة سرير أم لا -والله أعلم-.

قال الغزالي: أَمَّا النَّوَافِلُ فَيَجُوزُ إِقَامَتُهَا فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا، وَفِي السَّفَرِ القَصِيرِ قَوْلاَنِ، وَلاَ يَجُوزُ (و) فِي الحَضَرِ.

قال الرافعي: تكلمنا في حكم إقامة الفرائض على الرواحل.

وأما النوافل فيجوز إقامتها في السفر الطويل عند السير راكباً، أو ماشياً، متوجهاً طريقه؛ لما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَت بهِ" (١). وخالف أبو حنيفة في الماشي، ويحكي مثله عن أحمد، فليكن قوله: (وماشيًا) معلماً برقميهما.

لنا أن الإنسان قد يكون له أوراد، ووظائف، ويحتاج إلى السفر لمعاشه، فلو منع من التنفل في سيره لفاته أحد أمرين، إما أوراده، أو مصالح معاشه، ولا فرق في ذلك بين الراكب والماشي. وهل يختص ذلك بالسفر الطويل؟ فيه قولان:

أحدهما: -وبه قال مالك-: نعم، كالقصر والفطر.

وأصحهما: لا؛ لإطلاق الخبر الذي رويناه، وروي مثله عن جابر (٢)، ولأن الحاجة كما تمس إلى الأسفار الطويلة تمس إلى الأسفار القصيرة، أو هي أغلب، ومنهم من قطع بالجواز في السفر القصير وامتنع من إثبات خلاف فيه [فيجوز] (٣) لك أن تعلم بالواو لفظ القولين من قوله: (وفي السفر القصير قولان) وأما في الحضر فظاهر المذهب أنه لا يجوز ترك استقبال القبلة في النوافل، وهي والفرائض سواء في أمر القيام، وذلك لأن الغالب من حال المقيم اللبث والاستقرار.

وقال أبو سعيد الإصْطَخري: يجوز للحاضر ترك الاستقبال فيها، والتنقل متوجهاً إلى مقصده في الترددات؛ لأن المقيم أيضاً محتاج إلى التردد في دار إقامته، وعلى هذا فالراكب والراجل سواء، وذكر في "التتمة" أن هذا اختيار القفال، ولم يحكه غيره عن اختياره على هذا الإطلاق، لكن الشيخ أبا محمد ذكر أنه اختار الجواز بشرط أن يكون


(١) أخرجه البخاري (١٠٠٠ - ١٠٩٦) ومسلم (٠٧٠٠).
(٢) أخرجه البخاري (٤٠٠ - ١٠٩٤) ومسلم (٥٤٠).
(٣) سقط في ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>