للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو تعدى بالدخول إن طال الزمان فوجوب القضاء أظهر، وفي الزمان اليسير لا قضاء، ولكنه يَعْصِي، وعن القاضي الحسين -رحمه الله- تقدير القَدْرِ المقتضي بثلث الليل، والصحيح أنه لا تقدير.

وقوله: في الكتاب: "وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ زَمَانًا مَحْسُوساَ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْصِي وَلاَ يَقْضِي" كأنه يشير إلى احتمال في القضاء؛ رعايةً للتسوية والعدل، ولا يخرج من قوله: "وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ زَمَاناً مَحْسُوساً" إلاَّ المكث في زمان يسير، فإن أراد أنه لم يلبث أصْلاً فيكفيه قوله: "وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ" وَلاَ حَاجَةَ إِلَى الزَّمَانِ المَحْسوُسِ وهذا إذا لم يجامع التي دخل عليها فإن جامعها فثلاثة أوجه:

أحدها: أنه أفسد تلك الليلَةَ فلا تحسب على صاحبة النَّوْبَة؛ لأنه إذا جامعها فَتَرَ، ولم يَكْمُلْ لها السّكن والاستمتاع.

والثاني: أنه يقضي الجماع في نَوْبَة التي جامعها؛ تسوية بينهما.

وأظهرهما: أنه يقضي من نوبتها مثل تلك المُدَّة ولا يُكَلَّفُ الجِمَاعَ فإنه يتعلق بالنشاط والشهوة، ولا يدخل تحْت الاختيار؛ فإن فَرَضَ الجماع في اللحظة اليسيرة فلا قضاء على هذا الوجه، والوجهان الأولان بحالهما.

وقولُهُ في الكتاب في حكايته الوجه الثاني: "يَقْضِي الجِمَاعَ فَقَطْ" صحيح؛ لأنه فرض الجماع في اللحظة اليسيرة، فأما إذا طالتِ المُدَّة فيقضي المدة مع الجماع لا الجماع فقط، ولفظه في الوَجْه الثَّالث يقتضي التَّصور فيما إذا كانت هُنَاك مدة، وأما النهار (١) فوقت التردُّد والانتشار، ولا تجب التسوية بين النسوة في قَدْر إقامته في البيت [والمكث] (٢) ولكن ينبغي [أن يُقِيمَ قَدْرَ ما يقيم في بيت صاحبة النَّوْبَة] (٣)، ولا يَدْخُل على غيرها إلاَّ لضَرُورَةٍ أو حاجة؛ كعيادة، وَتَعرُّفِ خَبَر وتَسْلِيمِ نفقة، ووضْع مَتَاع واحدة، وينبغي ألا يطيل المُقَامَ، ولا يعتاد الدخول على واحدة في نوبة الأُخُريَات، ولا في نوبة واحدة الدخول على غيرها، وإذا دخل من غير حاجة ففي "التجريد" للمحامِلِيِّ: أنه يجب القضاء، وحكاه عن نصه في "الإِملاء"، وإن دخَل لحاجَةٍ فلا قَضَاء هَذَا هو الظَّاهر، وفِيهِ وَجْهان آخرانِ، ذَكَرَهُمَا في الكتاب:

أحدهما: أن النَّهَار كالليل، وقضيَّة هذا الإِطْلاَق ألا يدْخُلَ على غَيْر صاحبَةِ النَّوْبَة إلاَّ لضرُورَةٍ، وأنه يقضي إذا دخل متعدياً، وقد ذكر القاضي ابن كج أن أبا إسْحَاقَ حكى في وجوب القضاء قَوْلاً.


(١) في ز: الزمان.
(٢) سقط في ز.
(٣) في الروختة: أن تكون إقامته في بيت صاحبة النوبة إن أقام.

<<  <  ج: ص:  >  >>