للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه لا حَجْرَ بالنهار؛ لأنه تابعٌ، وقضيته أن يَدْخُلَ ويخرج كيف شاء كما شاء بلا قضاء، ولا يجوز في أوقات الدُّخُول للحَاجَة أن يجامع، وفي سائر الاستمتاعات وجهان:

أظهرهما: أنه يجُوزُ؛ لما روي عن عائشة -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَطُوف عَلَيْنَا جَمِيعاً فَيُقَبِّلُ وَيلْمَسُ، فَإذَا جَاءَ وَقْتُ الَّتِي هُوَ نَوْبَتُهَا أَقَامَ عِنْدَهَا" (١) وفي كتاب القاضي ابن كج وجه: أنه يجوز الجِمَاع أيضاً.

ومَنْ عِمَادُ القَسْم في حقه النَّهَارُ كالحارسين (٢) على ما سبق وكالطَّحَّانين في بعض البلاد، فنهارهم كليل غيرهم وليلهم كنهار غيرهم من جميع ما ذَكَرْنَا.

فَرْعٌ: نقل صاحب "التَّهْذِيبِ" وغيره أنه إذا مرضت واحدة من النِّسْوَة أو ضَرَّ بِهَا الطَّلْقُ، فإن كان لها متعهِّدٌ لم يبتْ عندها إلاَّ في نوبتها ويراعي القَسْم، وإن لم يكن لها متعهِّد فله أن يبيت عنْدَها، ويُمَرِّضَهَا وله أن يديم البيتوتة عندها ليالِيَ، بحسب الحاجة، ثم يقضي للباقيات إن برأت، وإن ماتت تعذَّر القضاءُ، وفي القضاء لا يبيت عند كل واحدة من الأُخْرَيَات جميعَ تلك اللَّيَالي، ولاءً بل لا يزيد على ثلاث ليال، وهكذا يدور حتى يتمَّ القَضَاء، والمَنْعُ من الزيادة على الثَّلاث، كأنه مبنيٌّ على أن أكثر مقدار النُّوَب في القَسْم ثلاث ليالٍ (٣) على ما سيأتي وقد خطر في الفرع شيئان:

أحدهما: أن التعهُّد، إن فرض من الخادمة للتي تَسْتَحِقُّ الخادِمَة، فهو بَيِّنٌ، وإن تبرع محرم لَهَا أو تَبَرَّعَتِ امرأة بالتعهُّد والتمريض، وليس على الزَّوْج إسكانُ مَنْ تبَرَّعَ وإدخالُه عليها، وينبغي أن يكون الحُكْم كما لو لَم يكُنْ متعهِّدٌ.

والثاني: لو مَرِضَتِ اثنتان مَعاً ولا متعهِّد، فقد يقال بقَسْم اللَّيَالِي عليهما، ويُسَوَّى بينهما في التمريض، ويمكن أن يقال: يُقْرَعُ بينهما ويخص الَّتِي خَرَجَتْ قرعتها، كما يسافر بواحدة بالقُرْعَة (٤).

فرع: لو كان الرَّجُل يعمل تارة باللَّيْل ويستريح بالنَّهَار، ويعمل أخرى بالنَّهَار،


(١) أخرجه [أحمد وأبو داود والبيهقي وصححه الحاكم، ولفظ أحمد: ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعاً امرأة امرأة، فيدنو ويلمس من غير مسيس، حتى يفضي إلى التي هو يومها فيبيت عندها، زاد أبو داود في أوله: كان لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا، وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعاً، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها].
(٢) في ز: كالحارس.
(٣) في ز: إمالي.
(٤) قال النووي: وفي القضاء في هذه الصورة وجهان في "التنبيه" وغيره، أصحهما: يجب لاشتراكهن في السفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>