قول لا بل وضع النكاح على الدوام والتأبيد، وإنما يُفْسَخ لضرورة تَدْعو إليه.
وقوله في الكتاب "على الصَّحِيحُ أَنَّهُ طَلاَقٌ"، يوافق الأصل الممهد في ترجيح الجديد، وعلى ذلك جرى أكثر الأصحاب -رحمهم الله- وينصر قول الفَسْخ في الخِلاَق، وإلى نصرته ذهب الشيخ أبو حامد، وذهب أبو مخلد البصري، أن الفتوى عليه، ويؤيده بعض التأييد ما حُكِيَ عن ابن خُزَيْمة -رحمه الله- أنَّه لا يَثْبُت عن أحمد أنَّه طلاق، وعن ابن المُنْذر أن الرواية عن عثمان ضعيفةٌ، وأنَّه ليس في الباب أصح من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وحَكَى غيره اختلاف الرواية في المسألة عن عثمان -رضي الله عنه-، ويجوز إعْلاَم قوله:"طلاق" بالألف، وإعلام قوله:"فَسْخ" بالميم، وأما بمذهب أبي حَنِيفةَ فمذكورٌ ولا يحتاج إلى الإِعلامِ له.
قال الرَّافِعِيُّ: المقصود الآن التفريع على القَوْلين، فإن جعلنا الخُلْع فسْخاً، فلفظ الخُلْع صريحٌ فيه؛ لكثرة استعماله وتكرُّره على لسان حَمَلَة الشريعة، ولو قال: فَسَخْت نكاحَكِ، فقَبِلَتْ فوجهان:
أصحُّهما: وهو المذكور في "التهذيب": أنَّه صريحٌ؛ لأنه أشد دَلالةً على حقيقته من لفظ الخلع، وأيضاً فإن الفَسْخ مقصودُ الخُلْع ومقتضاه، وما هو مقصود العقد ومقتضاه إذا استعمل في العقد كان صريحاً؛ ألا ترى أنَّه إذا استعمل لفظ التمليك في البيع، كان صريحاً؛ لأنَّ التمليك هو مقصود العَقْد ومقتضاه، ويُنْسَب هذا إلى اختيار القاضي حسين.
والثاني: أنَّه كناية ويقال: إنه اختيار القَفَّال؛ لأن لفظ الفسخ لا يستعمل في النكاح إلاَّ مقروناً بعيب أو بسبب إعسار وغيره، بخلاف الخُلْع؛ فإنَّه مشهور فيه، ويجوز أن يكون اللفظ المصرِّح بمقصود التصرُّف كنايةً في ذلك التصرف؛ ألا ترى أن مقْصُود الطلاقِ التحريم والإِبانة، ثم هما كنايتان في الطَّلاَق، ولمن قال بالأول: أن يقول المستعمل عنْد العَيْب والإِعسار ونحوهما: هو الفسخ عرياً عن العِوَضِ، والكلامُ