قَالَ الرَّافِعِيُّ: أيضاً إذا فرَّعنا على أن الخُلْعَ طلاقٌ قلنا إن لفظ الفَسْخ كنايةٌ فيه، كما لو استعمل من غير ذكر المال، وفي لفظ "المفاداة" وجهان كما على القول الأول، والأصحُّ أنه كلفظ الخُلْع، ولفظ "الخلع" صريحٌ أو كنايةٌ فيه قولان: [الحكاية]-عن "الأُمِّ" أنه كنايةٌ، وذكر الإِمام وصاحب الكتاب والرُّويَاني أنه أظهر في المَذْهب، وعن نصه في "الإِملاء": أنَّه صريحٌ، وبه قال أبو حنيفة، واختاره الإِمام والمصنف وصاحب "التهذيب"، واختلفوا في مأخذ القولين، فعن الأكثرين بناء الخِلاَف على أن اللَّفْظ إذا شاع في العُرْف والاستعمال للطلاق، فهل يلتحق بما تكرَّر في القرآن، ولِسَانِ حَمَلَة الشريعة أم لا؟ ومنهم من بني الخلاَفَ على أن ذكر المال هل يلحقه بالصرائح فعلى رأيٍ: نلحقه؛ لأن ذكر المال بدلاً وتحصيلاً يشعر بطلب البينونة، وعلى رأيٍ: لا، كما أن قرينة اللَّجَاج والغَضَب لا تلحق الكناية بالصرائح فمن أخذ الخلاف من المأخذ الأول أثبت الخِلاَفَ في لفظ الخُلْع، وإن لم يجر ذكر المال، ومن أخذه من المَأْخَذ الثاني قال: إذا لم يجر ذكْرُ المال، فهو كناية لا محالةَ، وهذا ما أورده في "التتمة" ويخرج مما ذكرنا وجهان: في أن لفظ الخُلْع من غيْر ذكر المال صريحٌ أو كنايةٌ، مع الحُكْم بأنَّه صريح أو كناية إذا جرى ذكر المال، وهذا قولُه في الكتاب:"فَإِنْ جَعَلْنَاهُ صَرِيحاً فَجَرَى دُونَ ذِكْرِ المَالِ كَانَ كِنَايَةً عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ" وهل يقتضي الخَلْعُ المطلَقُ الجاري من غير ذكْر المال ثبوتَ المال؟ فيه وجهان:
أظهرهما: عند الإِمام وصاحب الكتاب وهو اختيار القاضي: نَعَمْ؛ للعرف المطَّرِد لجريان الخُلْع على المال، وأيضاً فإن الخُلْع يوجب المال إذا جرى على خمر أو خنزير، فإذا جرى مطلقاً أوجبه كالنكاح.