للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثل، والمسمَّى في العَقْد، وإذا أقام كل واحدٍ منهما بيِّنَة على ما يقُوله فتتهاتران أو يقرع بيْنَهُما.

قال الحناطي: فيه قَوْلاَنِ وعلى التقديرين، فهل يحلف فيه وجهان:

وحكي وجهاً عن ابن سُرَيْجٍ أنه يصار إلى أزْيَد البينتين (١) وإذا جَرَى الخُلْع مع أجنبي، واختلفا في جِنْس العِوَض وقدره، فيتحالفان أيضاً، ويجب على الأجنبي مهْر المثل.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّالِثَة): إِذَا تَوَافَقَا عَلَى جَرَيَانِ الخُلْعِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مُطْلَقٍ وَفِي البَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَة لاَ غَالِبَ فِيهَا وَلَكِنْ نَوَيَا نَوْعاً وَاحِداً فَهَذَا لاَ يَحْتَملُ البَيْع لِجَهَالَته مِنْ حَيْثُ اللَّفْظ وَيُحْتَمَلُ فِي الخُلْعِ وَلاَ يُحْتَمَلُ فِي الخُلْعِ أَنْ يُذْكَرَ مُجَرَّدُ الأَلْفِ وَلاَ يَتَعَرَّضُ لِلنَّوْعِ، وَأَشَدُّ أحْتِمَالاً مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: أَلْفٌ وَشَيْءٌ فَيَفْسُدُ الخُلْعُ للإِجْمَالِ ولاَ يُؤَثِّرُ النِّيَّةُ مَعَ التَّوَافُقِ، وَلَوْ تَنَازَعَا فَقَالَ: أَرَدْنَا بالدَّرَاهِمِ النُّقْرَةَ فَقَالَتْ: بَلْ أَرَدْنَا الفُلُوسَ فَيَتَحَالَفَانِ لأَنَّهُ نِزَاعٌ فِي الجِنْسِ، فَإِنْ تَوَافَقَا عَلَى إِرَادَةِ الدَّرَاهِمِ وَلَكِنْ قَالَتْ: أَرَدتُّ الفُلُوسَ فالقَوْلُ قَوْلُهَا، فَإِنْ حَلَفَتْ بَانَتْ وَلاَ عِوَضَ عَلَيْهَا، وَإنْ تَوَافَقَا عَلَى إِرَادَتِهَا الفُلُوسُ وَلَكِنْ قَالَ: أَرَدتُّ الدَّرَاهِمَ وَلاَ فُرْقَةَ فَالبَيْنُونَةُ حَاصِلَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لِظَاهِرِ التَّوَافُقِ عَلَى الدَّرَاهِمِ لَفْظاً، وَجَرَيَانُ الخُلْعِ وَالنِّيَّاتُ لاَ يُطَّلعُ عَلَيْهَا، وَلاَ شَيْءَ لِلَزَّوْجِ لإِنْكَارِهِ الفُرْقَةَ، وَقِيلَ: لَهُ مَهْرُ المِثْلِ.

قال الرَّافِعِيُّ: إذا خالعها على ألْف درهمٍ (٢) وفي البلد نقدٌ غالبٌ نُزِّلَ الخُلْع عليه، وقد تعرَّضْنا له من قبْلُ، وان كانت هناك نقودٌ مختلفةٌ، ولا غالب فقَدْ سبق في "كتاب البَيْع" أنه لا يصحُّ البيع هناك بالدراهِم المطلقة، حتَّى يبينا نوعاً منها، ولا يكفي أن ينويا نوعاً واحداً، لما في اللفظ من الجَهَالَة والإِبهام، وليس في اللفظ ما يدُلُّ على ذلك النَّوْع، ولك أن تقول: وجَب أن نجْعَلَ ذلك على الخلاف في انعقاد البيع بالكنايات؛ لأن التعبير عن المقيَّد بالمُطْلَق، وأراد به طريقةً سائغةً في اللسان.

ولو جرى الخُلْع بدراهمَ مطلقةٍ؛ حيْث لا غالب بطَلَت التسمية، ووجب مهر المثل، فإن نويا نوعاً واحداً، فالظاهر الاكتفاءُ بالنية في لزوم ذلك النوع، وقد يُحْتَمَلُ في الخلع ما لا يُحْتَمَلُ في البيع ولذلك يحصل المِلْك فيه بالإِعطاء من غير لفْظٍ، بخلاف البيع، وأشير إلى وَجْه آخَرَ أنَّه تفْسُدُ التسمية كما يفسد البيع، وهذا ما أورده أبو مخلد البَصْري.


(١) قال النووي: الأظهر، أنهما يسقطان ولا ترجيح بالكثرة.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>