للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفيد ضربًا من الظن، فإذا كان المراد من المعرفة المشترك دخل القادر على الاجتهاد في قوله: (فالقادر على معرفة القبلة) وحينئذ لا ينتظم الحكم بأنه لا يجوز له الاجتهاد.

وأما قوله: (والقادر على الاجتهاد، لا يجوز له التقليد فإنه يفيد بما يفيده.

قوله بعد ذلك: (وليس للمجتهد أن يقلد غيره) فالثاني تكرار والغالب (على الظن أنه) (١) إنما أعاده تمهيداً لبناء مسألة التحير عليه، لكن المحوج إلى الإعادة لهذا الغرض توسيط حكم الأعمى بين الكلامين، فلو عقب الكلام الأول بمسألة التحير وأخر حكم الأعمى لاستغنى عن ذلك.

وأما قوله: "والأعمى العاجز يقلد شخصاَ مكلفاً ... " إلى آخره، فليعلّم المكلف بالواو؛ لأن في كلام الأصحاب وجهاً أنه يجوز تقليد الصبي، وهو كالخلاف المذكور في الرجوع إلى إخباره، ثم الصفات المذكورة غير كافية في المقلد، بل يشترط فيه شيء آخر وهو العدالة وليس لفظ العاجز للتقيد، فإن كل أعمى عاجز وإنما هو وصف له، وتنبيه على المعنى المجوز للتقليد، ومسألة التحير قد أطلق الخلاف فيها، وهو محمول على ما إذا ضاق الوقت كما حكيناه من قبل.

وقوله: (أما البصير الجاهل بالأدلة إن قلد يلزمه القضاء) ليس مجرى على إطلاقه أيضاً؛ لأن البصير الجاهل إذا كان بحيث لا يمكنه التعلم فهو كالأعمى يقلد ولا يقضي كما تقدم.

قال الغزالي: ثُمَّ مَهْمَا صَلَّى بالاجْتِهَادِ فَتَيَقَّنَ الخَطَأ وَبَانَ جِهَةُ الصَّوَابِ وَجَبَ (ح م) عَلَيْهِ القَضَاءُ عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ، فَإِنْ تَيَقَّنَ الخَطَأ وَلَمْ يَظْهَرِ الصَّوَابُ إلاَّ بالاجْتِهَادِ، فَفي القَضَاءِ قَوْلاَنِ مُرَتَّبَانِ، وَأَوْلَى بِأَنْ لاَ يَجِبَ، وَمَنْ صَلَّى أَرْبَعَ صلَوَاتٍ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ بِأرْبَعِ اجْتِهَادَاتٍ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ الخَطَأَ فَلاَ قَضَاءَ (و) عَلَيْهِ.

قال الرافعي: المصلي بالاجتهاد إذا ظهر له الخطأ في اجتهاده فله ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يظهر له الخطأ قبل الشروع في الصلاة.

والثانية: أن يظهر بعد الفراغ منها.

والثالثة: أن يظهر في أثناءها.

أما الحالة الأولى فهي غير مذكررة في الكتاب وحكمها أن ننظر: إن تيقن الخطأ في اجتهاده أعرض عن مقتضاه وتوجه إلى الجهة التي يعلمها أو يظنها جهة الكعبة، وإن


(١) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>