للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظن الخطأ في اجتهاده وظن أن الصواب (١) جهة أخرى إن كان دليل الاجتهاد الثاني أوضح عنده من الأول أعرض عن مقتضى الأول، وإن كان دليل الأول أوضح عنده جرى على مقتضاه، وإن تساويا تخير. وقيل: يصلي إلى الجهتين مرتين.

وأما الحالة الثانية وهي: أن يظهر الخطأ بعد الفراغ من الصلاة، فهذا الفصل مسوق لها، ولا يخلو، إما أن يظهر الخطأ يقيناً، أو ظناً، والقسمان مذكوران في الكتاب. أما القسم الأول: وهو أن يظهر الخطأ يقينًا ففي وجوب القضاء قولان:

أصحهما: الوجوب، لأنه تعين له الخطأ فيما يأمن مثله في القضاء، فلا يعتد بما فعله كالحاكم إذا حكم ثم وجد النص بخلافه، واحترزوا بقولهم: فيما يأمن مثله في القضاء عن الخطأ في الوقوف بعرفة حيث لا يجب القضاء، لأن مثله غير مأمون في القضاء، ويمكن أن يقال في قولنا: تعين الخطأ ما يفيد هذا الاحتراز؛ لأن الأمر ثَمَّ مبني على رؤية الهلال ولا يقين يكون الرائيين مصيبين أو على استكمال العدد، وهو مبني على الرؤية في الشهور المتقدمة والإصابة فيها مظنونة، والمبني على المظنون مظنون.

والقول الثاني: أنه لا يجب القضاء؛ لأنه ترك القبلة بعذر فأشبه تركها في حالة المسايفة. قال الصيدلاني: ومعنى القولين أنه كلف الاجتهاد لا غير، أو كلف التوجه إلى القبلة، فإن قلنا بالأول فلا قضاء، وإن قلنا بالثاني وجب القضاء، وبالقول الثاني قال أبو حنيفة ومالك وأحمد والمزني.

وقوله في الكتاب: (وجب القضاء) معلم برقمهم جميعاً. وللمسألة نظائر:

منها ما إذا اجتهد في وقت الصلاة فتبين بعد إنقضاء الوقت أنه أخطأ بالتقديم، أو اجتهد المحبوس في الصيام فوافق اجتهاده شعبان وتبين الحال بعد إنقضاء رمضان، ففي وجوب القضاء قولان:

قال إمام الحرمين: وهذا إذا لم يتأت الوصول إلى اليقين، فإن تأتى ذلك فالوجه القطع بوجوب القضاء، وإن اجتهاده إنما يغني بشرط الإصابة.

ومنها ما إذا رأوا سوادًا فظنوه عدواً فصلوا صلاة شدة الخوف ثم بان الخطأ ففي القضاء قولان:

ومنها ما إذا دفع الزكاة إلى رجل ظنه فقيراً فَبَانَ غنياً ففي الضمان قولان؛ ثم اختلفوا في موضع القولين فيما نحن فيه على طريقين.


(١) في ط الجواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>