للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صومي وصلاتي، ولا بأن يقول وَليُّ القِصَاصِ لِمَنْ عليه القِصَاص: طلِّق امرأتك، وإلا اقتصصْتُ منك.

فإذا أخذه السلطان الظالِمُ بسبَب غيْره وطالبه به فقال: لست من أوليائه، ولا أعرف موضعه أو بماله، فقال ليْس له عنْدِي شيْء، فلم يُخَلِّهِ حتى يحلف بالطلاق، فحلف كاذباً، يقع الطلاق، ذكَره القفَّال وغيره؛ لأنَّه لم يُكرِهْه على الطلاق، وإنما تَوَصَّل بالحلف إلى رفْع المطالبة، بخلاف ما إذا قال له اللصوص: لا نخليك حتى تحْلِفَ إلاَّ تَذْكُر ما جرى، فحَلَف، لا يقع الطلاق إذا ذَكَره, لأنهم أكرهوه على الحَلِف بالطلاق هاهُنَا.

لو تلفَّظ بالطلاق ثم قال: كنْتُ مُكْرَهاً، وأنكرتْ، لم يُصَدَّق إلا أن يكون مَحْبُوساً (١) أو تكون هناك قرينةٌ أخرى.

ولو قال: طلقتُ وأنا صبيٌّ أو نائم، قال أَبو العبَّاس الرويانيُّ: يُصدَّقُ بيمينه، قال: ولو طَلَّق في المرض، ثم قال كنْتُ مَغْشِياً عليَّ، لم يُقْبَلْ قولُه إلا ببينة تَقُومُ على أنَّه كان زائل العقل في ذلك (٢) الوقت.


(١) قضيته قوله: "وأنكرت" أنها لو صدقته لا يقع الطلاق وهو مع وضوحه ذكره قاضي القضاة جلال الدين البلقيني، قال في الخادم: ومن الحوادث أن امرأة سألت زوجها طلاقها بعوض فطلقها عليه مختاراً ثم ادعت أنَّها مكرهة فظهرت قرائن تصدقها ورفعت هذه لبعض الحكام والمعتبرين فحلفها على الإِكراه وجحل الطلاق بائناً لأن الزوج يكذب وقبل قولها في المال فلم يلزمها به وأشار على الزوج بالرجعة وتجديد العقد.
وفي فتاوى القاضي حسين: طلقها ثلاثاً ثم قال: قلت إن شاء الله تعالى، فقالت: لم تقل، فمن المصدق بيمينه ينبغي على تبعيض الإِقرار، فإن قلنا: لا يتبعض صدق بيمينه، وإلا صدقت فتحلف بالله تعالى أنه لم يقل إن شاء الله تعالى.
قال في القوت: وسكت عن من ادعى عليه أنه طلق ثلاثاً فأنكر فقامت بينة بتلفظه بذلك فقالت: استثنيت عقبه، فقالت: البينة للحاكم وقد سألها عن ذلك لم يتلفظ عقبه فاستخرت الله تعالى وأفتيت بالوقوع وعدم قبول قوله لأنه يفي يحيط به العلم.
(٢) قال النووي: هذا الذي قاله في النائم، فيه نظر. والله أعلم.
وقال الشيخ البلقيني ما نقله عن الروياني هو إذا لم يعهد منه الغيبة في مرضه، فأما إذا عهد منه ذلك ولم تقم البينة إلا بالتلفظ بالطلاق خاصة من غير معرفة الحال، فالقول قوله في ذلك بيمينه كما لو قال طلقت وأنا مجنون وكان قد عهد إلى جنون، أو قال ضمنت والمنقول في الضمان ما قررناه. انتهى. قال في المهمات وهو عجيب منهما -يعني الشيخين- فقد ذكرا في كتاب الإِيمان أن من ادعى عدم القصد في الطلاق والعتاق لا يصدق في الظاهر لتعلق حق الغير به.
قال في الخادم: لا حاجة لنقله من كتاب الإِيمان، فقد ذكراه هنا حتى في المنهاج ثم دعوى سبق اللسان غير دعوى النوم، فإن ذلك في الصادر من المكلف باتفاقهما وهاهنا فيما إذا أنكر هو =

<<  <  ج: ص:  >  >>