ولو قال لزوجته: طَلِّقِي نَفْسَكِ، فقالت: طلقتك وأنتَ طالقٌ، فهو كما لو قال الزوج لها: أنا منْكِ طالقٌ، وكذا إذا قال لعبده: أعْتِق نَفْسك، فقال: أعتقتك أو أنتَ حُرٌّ، فهو كقول السيِّد له: أنا منْكَ حُرٌّ والله أعلم.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الولايةُ عَلى المَحَلِّ شَرْطٌ لوقوع الطلاق، فلو قال لأجنبية: أنْتِ طالِقٌ لم يَقَع الطَّلاق رُوِيَ أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا طلاق إلاَّ بَعْدَ نِكَاحٍ وَلاَ عِتْقَ إلاَّ بَعْدَ مِلْكٍ". ولو قَال للرجعيَّة: أنْتِ طالقٌ، وقَع، لبقاء الوَلاية والملك فيها، والمختلعة لا يلحقها الطَّلاق، سواءٌ طلَّقها في العدَّة أو بعدها، وسواء خاطَبَها بالصريح أو الكناية، وسواءٌ خاطَبَها خاصَّة أو عمَّم، فقال: نسائي طوالِقُ، وبهذا قال مالك وأحمد -رحمهما الله- وقال: أبو حنيفة -رحمه الله-: يقع ما دامت في العدة، إذا خاطبها بصريح الطَّلاق خاصَّة، ويُرْوَى عنه إلحَاقُ ثلاثة ألفاظ من الكنايات بالصريح، وهي قوله:"اعْتَدِّي، واسْتَبرِئِي رَحِمَكِ، وأنْتِ واحِدَةٌ". واحتج الأصحاب بالقياس على ما سلَّمة، وبأنها ليست مزوجة، فلا يلحقها الطلاق، كما لو انضتْ عدتها والدليل على أنَّها لَيْسَتْ بزوجة أنَّها لا تدْخُل في قوله:"زوجاتي طوالق"، ولأنَّه لا يصحُّ ظِهَارها, ولا تلاعُنها, ولا يلزمها بالموت عدة، ولا يثْبُت لها ميراثٌ.
ولو علَّق طلاق أجنبية بنكاحها، فقال: إن نكحتك (١)، فأنْتِ طالقٌ أو عمَّم فقال: كلُّ امرأة نكحتها، فهي طالقٌ، لا يقع الطلاق، إذا نكَح، هذا هو المشهور في المَذْهَب.
وفي "أمالي" أبي الفرج، وكتاب الحناطي وغيرهما: أن منْهم مَنْ أثبت في وُقُوعِ الطَّلاقِ قولَيْن؛ لأنَّهُ يُحْكَى عن "الاِملاء" أن الشافعيَّ -رحمه الله- حَكَى في المسأَلَة اختلافَ العُلَمَاء، ثُمَّ قال: وأَنَا متوقِّف فيها، ويقال: إنَّ الربيع قال له: فما