للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه يستأنف كيلا يجمع في صلاة واحدة بين جهتين، فعلى الوجه الأول لو صلى أربع ركعات إلى أربع جهات بأربعة اجتهادات فلا إعادة عليه كما ذكرنا في الصلاة، وخص في "التهذيب" رواية الوجهين بما إذا تغير اجتهاده وكان الدليل الثاني أوضح من الأول.

فأما إذا كان الدليل الثاني مثل الأول أو دونه قال: لا يتحول بل يتم صلاته إلى تلك الجهة ولا إعادة عليه، ولك أن تقول: إن كان الدليل الثاني دون الأول فلا يتغير الاجتهاد ولا يظهر الخطأ، لأن أقوى الظنين لا يترك بأضعفهما، وإنا كانا مثلين فقضيته التوقف والتحير، وحينئذ لا يكون الصواب ظاهراً، فتكون الصورة من الضرب الثاني وسنذكر حكمه.

الضرب الثاني: أن لا يظهر الصواب مع ظهور الخطأ، فإن عجز عن درك الصواب بالاجتهاد على القرب بطلت صلاته إذ لا سبيل إلى الاستمرار على الخطأ، ولا وقوف على جهة الصّواب لينحرف وإن قدر على ذلك على القرب، فهل يبني وينحرف أم يستأنف؟ فيعود فيه الخلاف الذي ذكرناه في الضرب الأول بالترتيب، وهاهنا أولى بأن يستأنف؛ لأن ثمَّ يمكن من الانحراف إلى الصواب كما ظهر الخطأ وهاهنا بخلافه، فإنه متحير في الحال.

مثال هذا الضرب: عرف أن قبلته يسار المشرق [والسماء متغيمة فتوجه إلى جهة على ظن أنها يسار المشرق] (١) فانقشع الغيم بحذائه وظهر كوكب قريب من الأفق فقد علم الخطأ يقينًا إذ تبين له أنه مشرق أو مغرب، ثم قد يعرف الصواب على القرب بأن يرتفع الكوكب فيعلم أنه مشرق أو ينحظ فيعلم أنه مغرب، ويترتب على ذلك معرفة القبلة، وقد يعجز عن ذلك بأن يطبق الغيم، ويستمر الالتباس. ولنبين ما يشتمل عليه الكتاب مما ذكرناه. واعلم: أنا قسمنا الضرب الأول قسمين:

أحدهما: أن يستيقن الخطأ.

والثاني: أنه لا يستيقنه فقوله: "وإن تيقن أنه استدبر" هو القسم الأول من هذا الضرب، فإن المستيقن للاستدبار عارف بالخطأ يقينًا وعارف بالصواب أيضاً مع معرفة الخطأ يقينًا، ولا فرق بعد تيقن الخطأ بين أن يظهر الصواب يقينًا أو ظناً وإن كانت الصورة المذكورة في الكتاب هو يقين الصواب مع يقين الخطأ.

وقوله: (تحول وبني) جواب على قولنا أنه إذا بَانَ يقين الخطأ بعد الصلاة لا يجب


(١) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>