لما قبله، وعلى هذا الخلاف لو صلى صلاتين إلى جهتين باجتهادين أو ثلاثاً إلى ثلاث جهات باجتهادات، فعلى ظاهر المذهب لا قضاء عليه، وعلى الوجه الثاني يقضي الكل، وعلى الثالث يقضي ما سوى الأخيرة وأعلم أنا سنذكر خلافاً في أنه إذا صلى بالاجتهاد هل يجب عليه تجديد الاجتهاد للصلاة الثانية، وحكم هذه الصورة لا يختلف بين أن نوجب تجديد الاجتهاد فيجدد وبين ألا نوجب لكن اتفق له ذلك.
قال الرافعي: هذا الفصل لبيان الحالة الثالثة وهي أن يظهر الخطأ في الاجتهاد في أثناء الصلاة ولا يخلو إما أن يظهر (له الصواب مقترناً بظهور الخطأ)(١) وإما أن لا يكون كذلك. فهما ضربان:
الضرب الأول: أن يظهر له الصواب مقترناً بظهور الخطأ فننظر: إن كان الخطأ مستيقناً فنبني ذلك على القولين في وجوب القضاء عند ظهور يقين الخطأ بعد الصلاة إن قلنا: يجب بطلت صلاته هاهنا ولزمه الاستئناف، وإن قلنا: لا يجب فهاهنا وجهان، وربما قيل: قولان:
أحدهما: أنه يستأنف؛ لأن الصلاة الواحدة لا تؤدي إلى جهتين، كالحادثة الواحدة لا يتصور إمضاؤها بحكمين مختلفين.
وأصحهما: أنه ينحرف إلى جهة الصواب، ويبني على صلاته احتساباً لما مضى من صلاته، كما يحتسب بجميع صلاته على هذا القول إذا بَانَ يقين الخطأ بعد الصلاة، ولا ننكر إقامة الصلاة الواحدة إلى جهتين، ألا ترى أن أهل قباء كذلك فعلوا، وإن كان الخطأ ظاهراً بالاجتهاد، فقد ذكرنا أنه إذا وقع ذلك بعد الصلاة لم يؤثر، فإذا اتفق في أثنائها فهو على هذين الوجهين أو القولين.
وأصحهما: أنه ينحرف ويبني، لأن الأمر بالاستئناف نقض لما أدى من الصلاة، والاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد.