للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك أبو الممدوح.

الثانية: قدْ مرَّ أن إيقاع بَعْضِ طلقة كإيقاع كلِّها.

ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً إلا نصْفَ طلقة، فوجهان، حكاهما الشيخ أبو علي وغيره.

أصحُّهما: أنَّه تقع الثلاث؛ لأنَّه أبْقَى نصْف طلقة، فتُكَمَّل.

والثاني: أن استثناء النصْف كاستئناء الكُلِّ، كما أن إيقاع النصْف، كإيقاع الكُلِّ، فتقع طلقتان، والظاهر الأوَّل، والتكميل إنَّما يكُونُ في طرق الإِيقاع؛ تغليباً للتحريم.

ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً إلا طلقةٌ ونصْفاً، فَعَلَى الأصح: تقَعُ طلقتان، وعلى الثاني: طلقة، ولو قال: طلقتين إلا نصْفَ طلقة، فعلى الأول: الأصَحُّ تقع طلقتان، وعلى الثاني طلقة، ولو قال: طلقة إلا نصْفَ طلقة، وقَعَت طلقةٌ بلا خلاف.

ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً إلا اثنتين ونصفاً، فإن جعلْنا استثناء النصْف كاستثناء الكُلِّ، فَهُوَ كما لو قال: أنْتِ طالقٌ ثلاثاً إلاَّ اثنتين وواحدةً، وإن قلْنا بالأصحِّ، ففيه احتمالان للإِمام -رحمه الله-:

أحدهما: يبطل ذكر النصف، ويبقى قولُه: "أنْتِ طالقٌ ثلاثاً إلا اثنتين".

والثاني: أنَّه يجعل ذكر النصف كذكر الكُلِّ؛ لأنَّه يؤثر في الإِيقاع إذا جمعْنا بيْن المستثنين المعطوف أحدهما على الآخر.

ولو قال: أنْتِ طالقٌ ثلاثاً إلا اثنتين إلا نصف طلقةٍ، قال الإِمام: يَصِحُّ الاستثناءُ الثاني؛ فإنَّه يؤثر في الإيقاع لأن الاستثناء من النَّفْي إثباتٌ، ولو قَالَ: أنتِ طالقٌ واحدةً ونصْفاً إلا واحدة، ذكرَ الحناطي -رحمه الله- نَقلاً أنه تقع طلقة، واحتمالاً، أنَّه تقع طلقتان (١)، والوجهان مبنيان على أن الاستثناء ينْصَرِف إلى المذكورين جميعاً أو إلى الثاني، وعلى التقدير الثاني يكون الاستثناء مستغرقاً، فيبطل، ويقع طلقتان.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الثَّانِي في التَّعْلِيقِ بِالمَشِيئَةِ): فَإذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللهُ لَمْ يَقَعْ لأَنَّهُ لاَ يَدْرِي أنَّهُ شَاءَ الله تَعَالَى أَمْ لاَ، وَكَذَلِكَ في العِتْقِ (م)، وَنَصَّ عَلَى أنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شَاءَ اللهُ لاَ يَكُونُ مُظَاهِراً، وَقَدْ قِيلَ بِطَرْدِ هَذَا القَوْلِ فِي


= "أبوه" للممدوح، ففصل بين "أبو أمّه"، وهو مبتدأ، و"أبوه" وهو خبره، بأجنبيّ، وهو قوله "حيّ"، كما فصل بين "حيّ"، ونعته، وهو قوله "يقاربه" بأجنبي، وهو "أبوه"، وقدَّم المستثنى على المستنثى منه.
(١) في ز: و.

<<  <  ج: ص:  >  >>