فليتأمل ويشبه أن يقال إنما يلزمه الحلف على نَفي الغرابية إذا تَعرَّض في الجواب لذلك أما إذا اقتصر على قوله لست، بمطلقة فينبغي أن يكتفي منه بذلك كما ذكَرْنا في جواب البَائِع إذا ادَّعى المشتري العَيْبَ القديم، وأراد الرد، وسيأتي نظائره في مواضعها.
وقوله في الكتاب "ولو خاطب بِه زوجتيه" هذا القدر من التصوير يشتمل على ما إذا نَوَى واحدةً بعينها، وما إذا لم ينوِ واحدةً، وأرسل اللفظ، والمسائل التي ذكَرَها فيها ما يَشْمَل الحالَيْن، ومنها ما يختص بإحداهما، فقوله "لزمه التعيين" يصحُّ إطلاقه في الصورتين، وإن كان اللَّفْظ بصورة الإِرسال أحقُّ؛ لأن التعيين بيانٌ رافع للإبهام والبيان فيما إذا نوى واحدةً معيَّنةً تعيين لواحد من محتمل اللفظ، وكذلك أطْلَقَ في الكتاب التعيين تارةً والبيان أخرى فقال:"لزمه التعيين" ثم قال: "وعليه نفقتهما إلى البيان"، وأما قوله:"ويقع الطَّلاق باللفظ بالتعيين" فهذه المسألة تختص بحالة الإِرسال، وقوله "كان تعييناً" يجوز إعلامه بالألف؛ لِمَا مَرَّ أن عند أحمد -رحمه الله- التعيين بالقرعة فلا يكون الوطء تعييناً، ولا القول.
وقوله:"لم يُؤَثِّر الوطء" معلَّم بالحاءِ؛ لِمَا ذكرنا، وقوله:"ولو ماتتا، لم تَسْقُط المطالبة بالتعيين ... " إلى آخره أَخَّرْنا إشباع القول في حالة المَوْت إلَى الفَصْل الثَّاني لهذا؛ لأن الغَرَض الآن الكَلاَم في وقْت الطلاق حالَةَ المَوْت، وليعلَّم قوله "تسقط" بالحاء والواو؛ لما سيأتي وقوله:"أردتُّ هذه وهذه" يعني فيما إذا أرسل اللفظ ولم ينوِ معينة.
وقوله "ولو قالت في مسألة الغراب" في الكتاب ما إذا قال الرجل: إن كان غراباً، فامرأتي طالقٌ، وقال الآخر: إن لم يكن غراباً فامرأتي طالقٌ، فأيضاً، أمَّا إذا قال: إنْ كَانَ غراباً، فزينبُ طالقٌ، وإلا فعمرةُ، والتداعي المذكورُ يُمْكِن فرضه في هاتين الصورتين، ويمكن فرضه فيما إذا لم يُوجَد إلاَّ تعليقٌ واحدةٌ من شَخْص واحد.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا طَرَأَ المَوْت قبْل البيان أو التعيين، فله حالتان:
إحداهما: أن تموت الزوجتان أو إحداهما، ويبقى الزَّوْجُ، فتبقى المطالَبَةُ بحالها بالبيان، أو التعيين، لتبين حال الميراث.
وقال أبو حنيفة: إذا ماتَت سقَطَت المطالَبَةُ بالتعيين؛ بناءً على أن الطَّلاَق يقَعْ عند التعيين، ويستحيل الوقوع (١) بعْد الموت، وإذا ماتَتْ إحداهما، قال؛ يتعين الطلاق في