للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخرى، إلى مَذْهَبِه مال الشيخ أبو محمَّد -رحمه الله- وأقيم ذلك وجهاً، والمَذْهَب المشْهُور الأول، ويوقف له من تركة كلِّ واحدة منهما، أو من تركة الميتة منهما ميراث زَوْج إلى أن يبين أو يعين، فإذا بُيِّن أو عُيِّن، لم يرث من المطلَّقة، إذا كان الطلاق بائناً، سواء قلْنا بوقوع الطلاق عنْد اللَّفْظ أو التعيين، قال صاحب "التتمة" وغيره؛ لأن الإِيقاع سَابِقٌ، وإن كان الوقوع حينئذٍ، وأما الأخرى فيرث منها، ثم إن كان قد نَوَى معينة وبين فقال وَرَثَةُ الأخْرى: هي التي أَرتها للطلاق، ولا وارث لكَ، فلهم تَحْلِيفُه، فإن حَلَف فذاك، وإن نكل حَلَفُوا، وحرم ميراثُها أيضاً باليمين المردودة، وإن لم يَنْوِ معيَّنة، وعَيَّن فلا يتوجه عليه لورثة الأخرى دعوى؛ لأن التعيين يتعلَّق بشهوته واختياره.

وعن أبي حنيفة -رحمه الله-: أنَّه لمَّا صار إلى انحتام التعيين بموتهما, وَرِثَ الزوْج منْهما جميعاً، لكن قال: يرث من كل واحدةٍ منهما نصْفَ ميراث زَوْج، والشيخ أبو محمَّد في التفريع على ما مال إليه كَمَّلَ له الإِرث منهما.

فرْعٌ: قال القاضي ابن كج: إذا حَلَّفَهُ وَرَثَةُ التي عيَّنها للنِّكَاح وأخذوا جميع المهر، إن كان بَعْد الدخول، وإن كان قبله، أخذوا نصفه، وفي النِّصْف الثاني وجهان:

وجه يأخذونه أيضاً إمضاء للحكم على موجب تصديقه، ووجْه المَنْع أنَّها مطلَّقة قبْل الدخول بقولهم، ولو كذَّبه ورثة الَّتي عيَّنها للطلاق، وغرضهم استقرار جميع المهر، إذا كان قبل الدُّخُول، فلَهُمْ تحليفه، وهم مقرون له بإرْث لا يدعيه.

الحالة الثانية: إذا مات الزَّوْج قبْل البيان أو (١) التعيين، ففي قيام الوارث مقامه طريقان:

أشهرهما: [أن] فيه قولان:

أحدهما: أنَّه يقوم مقامه، كما يَخْلُفُه في سائر الحقوق، كالرد بالعيب، وحق الشفعة وغيرهما، وكما يقوم مقامه في الاستلحاق النسب.

والثاني: المَنْع؛ لأن حقوق النِّكَاح لا يُورث، ولأنَّه إسقاط وارث، فلا يتمكن (٢) الوارث منْه، كنفي النسب باللِّعَان، وفي مَحَلِّ القولَيْن طرُقٌ:

أحدها: أن الخلاف فيما إذا كان قَدْ نَوَى واحدة بعينها، أمَّا إذا أرْسَل اللَّفْظ، ولم ينوِ معيَّنة، فليس للوارث التعيين بلا خلاف.

والثاني: أنَّ له البَيَانَ بلا خلاف، والقولان في التعيين وقيل لا يقوم في التعيين والقولان في البيان والفرق على الطريقتين أن البيان إخبارٌ، وقد تعرف إرادة المُوَرِّث،


(١) في ز: و.
(٢) في ز: يمكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>