للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويطلع عليها بخبر أو قرينة، والتعيين اختيار يَصْدُر عن شهوة، فلا يحْلُفُه الوارث فيه، كما لو أسْلَم الكافر على أكْثَرَ من أرْبَع، ومات قبْل الاختيار.

والثالث: وبه قال أبو إسحاق أنه يطَّرد الخلاَف في البَيَان والتعيين معاً.

والطريق الثاني في الأصل، وبه قال القَفَّال: أنه إن مات والزوجتان حيتان، فنقطع بأنَّه لا يقُوم الوارث مَقَامه في البيان ولا في التعيين؛ لأنَّه لا غَرَضَ له في ذلك، فإن الحال لا يختلف بين أن يُخَلِّف زوجة أو أكثر، وإن ماتَتْ إحداهما، ثم مات الزوج، ثم الأخرى، وعَيَّن الوارث الأُولَى للطَّلاق، فنقطع بقبول قوله؛ لأنه يَضُرُّ بنفسه؛ من جهة أنَّه يحرم مورثه عن ميراث الأُولَى، ويشرك الثانية في تركه مورثه، وإن عيَّن الأولى للنكاح، والثانية للطلاق، أو مات الزوج بعدما ماتَتَا، ففيه القولان، ثم يَعُود التَّرْتِيب المَذْكُور في البيان والتعيين وذَكَر الشيخ أبو حامد أنَّه إنَّما يوجد القولان منصوصَيْن فيما إذا توسَّط موْت الزوج موتيهما، وعيَّن الوارث الآخرة للطلاق، ومنهما أُخِذَ الخلاف في سائر الصُّوَر، ولذلك عَبَّر معبِّرون عن الخلاف بالوجهين والأظهر حيْث اتفقت الطريقتان على إثبات الخلاف، فيقوم الوارث مقام الموروث، وحيث اختلف المَنْع (١).

التفريع: إذا لم يقمِ الوارث مقام الموروث، أو قلنا يقوم فقال الوارث: لا أعْلَمُ، فإن مات الزَّوْج قبلهما، فيُوقَفُ ميراث زوجه بينهما حتى يصطلحا، أو يصطلح ورثتهما بَعْد موتهما، وإن ماتتا قبْل موت الزَّوْج، فيُوقَفُ من تركتهما ميراثُ زَوْج، وإن توسط موته موْتَهُما، وُقِفَ من تركة الأولى ميراثُ زوج؛ ومن تركة زوج؛ ميراث زوجة حتَّى يحصل الاصطلاح، وإن قلنا: يقوم مقامه، فإن مات الزَّوْج قبلهما فتعْيينُ الوارث لتعيينه، وقد بيَّنا حُكْمه، وإن ماتت الزوجتان ثم مَاتَ الزَّوْج، فإذا بيَّن الوارث إحداهما، فلورثة الأخرى تَحْلِيفُه أنه لا يَعْلَم أن مورِّثَه طلَّق مورثتهم، وإن توسَّط موْتُه موتيهما وبيّن الوارث الطَّلاقَ في الأولى، وجرينا على قوله، لم نُحلِّفْه؛ لأنه يُقِرُّ على نفسه وَيَضُرُّ بِهَا (٢)، وإن بين الطلاق في المتأخرة، فلوارثِ الأُولَى تحليفُه؛ لأنَّه يروم الشركة في تركتها، فيحلف أنَّه لا يعْلَم أن مورثه طلَّقها, ولوارث الثانية تحليفُه؛ لأنَّه يروم حرمانه من ميراث الزَّوْج فيحلف على البَتِّ أن مورثه طلَّقها؛ لأن يمين الإِثبات تكون على البَتِّ.

وقوله في الكتاب "وإذا ماتَ الزَّوْجُ وماتَتَا" كلمة و"ماتتا" لا حاجة إليها، إذا قلْنا


(١) مخالف لما رجحه النووي في "المنهاج" من أن يقوم مقامه في التبيين لا في التعيين، وصحح ذلك أيضاً في التصحيح.
(٢) في ز: يضربها.

<<  <  ج: ص:  >  >>