للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطريق الأشْهَر، وإذا وقعت فليحمل على أن المعنى: "وقَدْ مَاتَتَا" إشارةً إلى أنَّه إذا مات بعد موتهما فهو موضِعُ الخِلاَف في أن الوارث هلْ يَقُوم مقام المورِّث باتفاق الطريقتين؟ أمَّا إذا كانتا حيتين، فلا يجيء الخلاف على الطريق الثاني.

فرْعٌ: شَهِدَ شاهدان مِنْ ورثة الزَّوْج أَنَّ المطلَّقة منهما فُلانَةٌ فتقبل شهادتهما إذا مات الزوج قبلهما؛ لأنه لا تهمه، ولا تقبل إن ماتتا قبْلَه لجرهما نقل (١) الميراث بشهادتهما، وإن توسَّط موت الزوج موتهما، فإن شهدا بطَلاَق التي ماتَتْ قبله، قُبِلَتْ؛ لأن هذه الشَّهَادة تُضِرُّ بهما من وجْهَيْن:

أحدهما: حرمان الزوج من ميراث الأُولَى.

والثاني: شركة الأُخْرَى في إرثه، وإن شهدا بطلاق التي ماتت بعده [لا تقبل] لجرهما النفع بشهادتهما بعكس الوجهين.

قَالَ الغَزَالِيُّ: ولو قال: إن كَانَ هَذَا غُرَاباً فَعَبْدِي حُرٌّ وَإِلاَّ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ البَيَانِ فَفِي وَجْهٍ يُعَيِّنُ الوَارِثُ، وَفِي وَجْهٍ نَقْرَعُ بَيْنَهُمَا لأَنَّ القُرْعَةَ تُعْمَلُ فِي العِتِقْ، فَإنْ خَرَجَ عَلَى العَبْدِ عَتَقَ، وإنْ خَرَجَتْ عَلَى المَرأَةِ لَمْ تُطَلَّقْ إِذْ لاَ أَثَرَ لِلقُرْعَةِ فِي الطَّلاَقِ، وَهَلْ يَرِقُّ العَبْدُ فِيهِ وَجْهَان.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: هذه البقيَّة فيما إذا كان الإبْهَام بين الطَّلاق والعِتْق، فإن قال: إنْ كان هذا الطَّائِر غراباً، فعَبْدي حُرٌّ، وإن لم يكنَ فزوجتي طالقٌ، أو (٢) دخل جماعة في ظلمة، فقال: إنَّ كان أوَّلَ من دَخَل زيْدٌ، فعَبْدي حرٌّ، وإلا فزوجتي طالقٌ، وأشكل الحال، وفيه مسألتان:

إحداهما: ذكر القاضي ابن كج أن أبا الحُسَيْن حَكَى وجْهاً، أنَّه يُقْرَع بين العبد والمرأة، كما سنذكر فيما إذا مَاتَ الحالف وعلى هذا فلو فَرَعْنا فخرجت القُرْعةُ على العبْد، ثم قال: تبينت أن الحنث كان في الطلاق، لم ينقص حُكْم القرعة، وحكَمْنا بوقوع الطلاق، والصحيح أنه لا قُرْعَة ما دام الحالف حياً؛ لأنَّ البيان متوقَّع منْه، وقد يُطْلِعُه الفحْص على كيفية الحال بعد الشَّك والتردد، ولكن يُمْنَع من الاستمتاع بالمرأة، ومن استخدام العَبْد والتصرُّف فيه؛ لتيقن التحريم في أحدهما، وعليه نفقة المرأة إلى البيان، وكذلك نفقة العَبْد في أصحِّ الوجهين.

والثاني: أنَّه يؤجره الحاكم، وينفق عليه من أجرته، فإن فَضَل شيْء منها حَفِظَه إلى أن يتبيَّن الحال، وإذا تبيَّن، وقال؛ حنثت في يمين المرأة، طُلِّقَتْ، ثم إن صدَّقه


(١) في ز: يقبل.
(٢) في ز: و.

<<  <  ج: ص:  >  >>