للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَبْد، فذاك، ولا يمين عليه، وحكى الحناطي وجهاً أنه يحلفَ؛ لِمَا فيه من حَقِّ الله تعالى، وإن كَذَّبه، وادعى العِتْقُ صدِّق السيد بيمينه، فإن نَكَل، حَلَف، وحُكِمَ باليمين المردودة، وإن قال حنثت في يمين العبد، عَتَقَ العبد، ثم إن صَدَّقته المرأة، فلا يمين عليه، وفيه الوجْه المذكور، وإن كَذَّبته حَلَف، فإن نكل حلَفَت، وحكم بطلاقها أيْضاً وقوله: "لم أحنث في يمين العَبْد" في جواب دَعْواه وغير جواب دَعْواه، كقوله: حنثت في يمين المرأة؛ وكذا قوله: "لم أحْنَثْ في يمين المرأة، وقوله حنثت في يمين العَبْد".

ولو قال: لم أعلم في أيِّهما حنثت، ففي "الشامل" وغيره، أنَّهما إن صدَّقَاه بقي (١) الأمْر موقوفاً كما سَبَق، وإنْ كذَّباه، حلف على نفي العِلْم، فإن حلف، فالأمر موقوفٌ، وإِن نَكَل، حَلَف المُدَّعِي منهما، وقُضِيَ به بما يدعيه، ولو ادعى أحدهما الحَنِث في يمينه، فقال في الجواب: لا أدري، لم يكُنْ هذا إقراراً بالحَنِث في حَقِّ الآخر، فإن عُرِض عليه اليمين، وحلف على [نفي] ما يَدَّعي، فهو مقر بالحنث في حق الآخر، ولو كان قَدْ علَّق طلاق نسوة، وادَّعَيْن الحَنِث عليه، فإن نَكَل، فحلف بعضهن دون بعض، حُكِمَ بطلاق من حلَفَتْ دوَّنْ لم تحلف، ولو ادَّعَت واحدة، ونَكَل عن اليمين، فحلَفَتْ، حُكِم بطلاقها, وله أن يحلف إذا ادَّعَت الأخرى ولا يُجعَل نكوله في حقِّ واحدة نكولاً في حقِّ الأخرى، واعْلَمْ أن ما سَبَقَ ذكْره من الأمر بالبيان أو التعيين والحبس والتعزير عنْد الامتناع، قد أشاروا إلى مثْله هاهنا، لكن إذا قُلْنَا إنه إذا قال: لا أَدْرِي يحلف عليه وقنع منه بذلك، فيكون والتضييق إلى أن يبيِّن أو يقول: لا أدري، ويحلف علَيْه، وهكذا ينْبَغِي أن يكون في الحكم الطلاق بين الزوجتين، والله أَعلْم.

الثانية: إذا (٢) مات الزَّوْج قَبْل البيان، فهل يقُوم الوارث مَقَامه، فيه طريقان:

أحدهما: أنَّه على الخلاف في الطلاق المبهم بين الزوجين.

والثاني: القَطْع بالمَنْع، لظهور تُهْمة الوارث؛ بأن يزعم الحَنِث في الطلاق، فيسقط زحمة المرأة في التركة ويستبقي الملك في العبد، وبأن للقرعة مدخلاً في العتق، فكان تحكيمها أَوْلَى من الرجوع إلى الوارث، وقضية هذا التوجيه تحكيم القرعة عنْد إبهام العِتْق بيْن الرقيقين والذي نَصَّ الفحول على ترجيحه أنَّه لا يقوم الوارث مَقَام المُوَرِّث في البيان وإن أثبتنا الخِلاَف، وفي "أمالي" أبي الفرج السرخسيِّ تخصيصُ الخلاف بما إذا عيَّن الوارث الحَنِث في يمين المرأة، أما إذا عَكَس، فيقطع بالجواز على موجب قوله؛ لأنَّه يُقِرُّ على نفسه وَيضرُّ بِهَا بتشريك المرأة في التركة وإخراج العبد عن التركة، وهذا حسن موافق تقدَّم في الطلاق المبهم.


(١) في ز: لفتى.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>