وإذا لم يُعْتَبَر بيان الوارث أو اعتبرناه، وقال: لا أعْلَم لي بالحال فيقرع بين المرأة والعبد، فلعلها تخرج على العبد، فإنها مأمورة في العِتْق، وإن لم تُؤَثِّر في الطلاق، كما يصغي إلى شَهَادة رجُل وامرأتين في السرقة لتأثيرها في الضَّمَان، وإن لم تُؤَثِّر في القطع، وإن خرجَتْ على العبد عَتَق، ويكون العِتْق من الثلث، إن كان الحَلِف في مَرَض المَوْت، وترث المرأة إلاَّ إذا كانت وادعت الحَنِث في يمينها، والطلاق بائن، وإن خرجت على المرأة لم تُطَلَّق لكن الورع أن تَدَع الميراث، وهل يَرِقُّ العبد؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأن القرعة تعمل في العتق والرق، فكما يعتق إذا خرجت القرْعة، يَرِقُّ إذا خرجت على عديله؛ وعلى هذا يزول الإِشكال، ويتصرف الوارث في العبد كيْف شاء، وأصحُّهما المَنْع؛ لأنَّ القرعة لم تؤثر فيما خرجت عليه، فيبعد تأثيرها في غيره، وعلى هذا فوجهان:
أحدهما: أن القُرْعة تُعَاد إلى أن تَخْرُجَ عليه قَال الإِمام: وعنْدي؛ يجب أن يخرج القائل به عن أحزاب الفقهاء، ومن قال به فلْيقطع بِعِتق العَبْد، وليترك تضييع الزمان في إخراج القُرْعَة، وهذا قوي قويم، لكن الحنّاطي حكى الوجْه عن أبي علي بن أبي هريرة، وهو زعيم عظيم الفقهاء لا يتأتى إخراجه عن أحزابهم.
وأصحهما: أن الإشكال يَبْقَى بحاله ويوقف عنْهما جميعاً في الابتداء، والحاصل أنَّا كنَّا نبغي من القُرْعةَ بياناً، فلم نظفر به، وإن قلنا: إن الوارث تقوم مقامه، رجَعْنا إلَيْه، فإن عيَّن الحنث في يمين العَبْد عتق، وورثت المرأة، وإن عكس، فللمرأة تحليفه، ويكون حلفه على البت، وللعبد أن يَدَّعِيَ العتق، ويحلفه، ويكون حلفه على أنَّه لا يَعْلَم أن مورثه حَنَث في يمينه، ونقل الحناطي وجْهاً عن ابن سُرَيْج: أنَّه إذا لم يبين الورثة، يوقف إلى أن يموتوا، ويخلفهم آخرون، وهكذا إلى أن يحصل له بيان، والظاهر ما بيَّنَّا، وهو الإِقْرَاع إذا لم يبينوا ونقل وجهاً أن الحالف إذا لم يبين حكم عليه بالعتق والطلاق معاً وإذا لم يبين إلى أن مات أو جن أقر بالبيان، وضُيِّق عليه، وكيف ما قُدِّرَ فهو ضعيف، والله أعلم.
وهذا تمام الكلام في الشطر الأول من الكتاب ونختمه بصور هي من شرائط هذا الشَّطْر، وربَّما يقع فيها ما تَسْهُل معرفته من أصولها أو أخواتها الَّتِي تقدَّمت، لكنَّا أوردْناها إذْ وجدْنَاها مسطُورةً، فلا تخلو في الأغلب عن زوائد وفوائِدَ: فيما جمع من "فتاوى القفَّال" وغيره أنَّه لو قال: طلقْتُ، ولم يزد، لا يقع الطلاق، وإن نوى لأنَّه لم يَجْرِ للمرأة ذكرٌ، ولا دلالة، فهو كما [لو](١) قال: "امرأتي" ونوى الطلاق، وأنه لو قال