للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدَّة، وقوله -صلى الله عليه وسلم- في قصة طلاق ابن عُمَرَ -رضي الله عنهما- "مُره فَليُرَاجِعْهَا".

ومقصود الكتاب مرتَّب في فصْلَيْن: أحدهما: في أركان الرَّجعة.

والثاني: في أحكام الرجعة والرجعية.

أما الأول، فقد جَمَع فيه بين ما يلتئم منْه نفْس الرجعة، وبين ما يثبت ولاية الرَّجعة، فقال الأول: الموجب لها، يعني الحالة المثبتة لولاية الرجعة، والمطلقات قسمان:

أحددهما: المطلَّقة الَّتي لم يستوف زوْجُها العدد المملوك من طلاقها، وهي نوعانِ: بائنةٌ، ورجعيَّةٌ، فالبائنة: المطلَّقة قبل الدخول، والمطلَّقة على عوض، فلا تحل للزوج إلاَّ بنكاحٍ جديدٍ، والرجعيَّة، المطلَّقة بعد الدخول بلا عِوَض.

والثاني: مطلَّقة اسْتُوفِيَ عدد طلاقها، فلا سبيل إلى رجعتها، وَيفْتَقر تجديد نكاحها إلى المحلِّل، وإذا اقتصرْتَ، قلْتَ الرجعيةُ: هي المطلَّقة بعد الدخول بلا عوض ولا استيفاء عدد، وقد تبيَّن في الكتاب اعتبارُ الأمور الثلاثة، وعبر عن كون الطلاق بعد الدخول بقوله: "يستعقب عدة".

وإذ عرفت ما ذكرناه وتذكَّرْت ما مر أنَّ الحُرَّ يملك ثلاث طَلَقات، وأن العبد لا يملك إلاَّ طلقتين، عَرَفْت أن الحرَّ يملك رجعتين، سواءٌ كانت الزوجة حُرةً أو أمة، وأن العَبْد لا يَمْلِك إلاَّ رجعةً واحدةً، سواء كانت الزوجة حرةً أو أمةً.

وعند أبي حنيفة؛ الاعتبار بالمرأة كما قال في الطلاق، فتراجع الحرَّةُ مرتين، والأمة مرةً.

ولا فرق في ثبوت الرجعة بيْن أن يكون الطلاق بالصرائح أو الكنايات.

وعند أبي حنيفة؛ الصرائح تُعْقب الرجعة، والكنايات بوائن إلاَّ قوله " [اعتدي] (١) واستبرئي رَحِمَكِ، وأنت واحدةٌ" وقاس الأصحابُ ما خالف فيه على ما وافَقَ عَلَيْه.

ولو طَلَّق امرأته باللفظ الصريح، ثم قال: أسقطْتُ حقَّ الرجعة، أو (٢) طلقتها بشَرْط أن لا رجعة علَيْها, لم تَسْقُط الرجعة [كما لا يسقط الولاء بالعتق بالشرط، وقال أبو حنيفة: تسقط الرجعة] (٣)، ولا مدْخَل للرجعة في الفُسُوخ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّانِي): المُرْتَجِعُ وهو كل من له أهلية النكاح (الثالث: الصيغة)


(١) سقط في ز.
(٢) في أ: و.
(٣) ما ذكره المصنف تفقهًا صرح به الجيلي كما قاله الأذرعي، قال ولفظه وللولي أن يراجع زوجة المجنون الذي طرأ بعد الطلاق حيث يجوز له النكاح لأجله وجرى على ذلك في المنهاج.

<<  <  ج: ص:  >  >>